بذلك شكره.
وفيه دلالة قدرته وسلطانه ؛ حيث أنشأ الشجرة ، وأخرجها من الجبل ، وهو أشد الأشياء وأصلبها ، [وجعل] في تلك الشجرة الدهن ، وهو ألين الأشياء وألطفها ؛ فيخبر أن من قدر على إخراج ألين الأشياء من أشدها وأصلبها لا يعجزه شيء.
وفيه أن لا بأس بقران شيء إلى شيء ، فهو كان جميعا وضم بعضهم بعضه إلى بعض ، ويجمع في الأكل حيث قال : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) هو الإدام.
ثم اختلف في قوله : (طُورِ سَيْناءَ) :
قال بعضهم (١) : الطور : الجبل ، بالسريانية ، والسيناء : الحسن ، بالحبشية.
وقال بعضهم : الطور : الجبل وما ذكر ، والسيناء : الشجرة الحسناء.
وقال بعضهم (٢) : الطور : هو الجبل الذي كلم الله موسى وأوحى إليه ، والشجرة : هي شجرة الزيتونة.
وقال بعضهم : السيناء : الحجارة. وقال بعضهم : الطور : السيناء المبارك بما أوحى على موسى.
وقال بعضهم (٣) : الطور : الجبل ، والسيناء : شجر حوله.
وفي حرف ابن مسعود (٤) وحفصة : وشجرة تخرج من طور سيناء تخرج الدهن وصبغ الآكلين.
قال بعضهم : تخرج الثمر.
قال أبو معاذ : أنبت النبات ونبت : لغتان ؛ كقولك : أسرى وسرى.
وقال زهير : حتى إذا أنبت البقل.
قال الكسائي : تقول : خرجت بزيد وأخرجت زيدا ، ولا تقول : أخرجت بزيد ، إلا أن تقول : أخرجت بزيد عمرا.
قال القتبي (٥) : (وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) مثل الصباغ كما يقال : دبغ دباغا ، ولبس لباسا.
وقال أبو عوسجة : (وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) ، أي : الصباغ ، وهو ما اصطبغت به من شيء ،
__________________
(١) قاله قتادة ، والضحاك بنحوه ، أخرجه ابن جرير عنهما (٢٥٤٧٩ ، ٢٥٤٨٠) وانظر : الدر المنثور (٥ / ١٤).
(٢) قاله ابن عباس وابن زيد ، أخرجه ابن جرير عنهما (٢٥٤٨١ ، ٢٥٤٨٢) وانظر : الدر المنثور (٥ / ١٤).
(٣) قاله مجاهد ، أخرجه عبد بن حميد عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ١١٤).
(٤) انظر : تفسير ابن جرير (٩ / ٢٠٨).
(٥) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٩٦).