وقال بعضهم : ما يقع لهم الحاجة والكفاية.
وجائز أن يكون قوله : (بِقَدَرٍ) ، أي : معلوم مقدر ، لا يتقدم ولا يتأخر ، ولا يزداد ولا ينتقص ، ولكن على ما قدر ، وكذلك جميع الأشياء.
وقوله : (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ).
يذكر هذا ويخبر عن قدرته وسلطانه : أن من قدر على استنزال الماء من السماء يقدر على البعث وعلى خلق الشيء لا من شيء ؛ إذ لا أحد من الخلائق يقدر على ذلك إلا بالحيل التي علّمه الله.
أو أن يكون يقول : إنه حيث جعل منافع الأرض متصلة بمنافع السماء ، ومنافع السماء [متصلة] بمنافع الأرض ؛ [على] بعد ما بينهما ، دل اتصال منافع أحدهما بالآخر ، [مع] بعد ما بينهما على أن منشئهما واحد ، ومدبّرهما واحد عالم بذاته.
وقوله : (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ).
كقوله : (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً ...) الآية [الكهف : ٤١].
وقوله : (فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ).
أي : بالماء.
(جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ).
أي : الكروم ؛ يذكر نعمة الله [التي] أنعمها عليهم من الماء الذي به حياة الأبدان والأشياء جميعا ؛ ليتأدى به شكره وعبادته.
وقوله : (فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ).
إن كان قوله : (لَكُمْ فِيها) ، أي : في الجنات ؛ حيث ذكر أنه أنشأ لنا فواكه كثيرة ؛ ففيه حجة لأبي حنيفة ـ رحمهالله ـ أن من حلف ألا يأكل فاكهة ، فأكل عنبا ـ لم يحنث ؛ حيث ذكر النخيل والأعناب ، وذكر فيها الفواكه على حدة.
وإن كان يعني به النخيل والأعناب ، فليس فيه حجة له.
وقوله : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ).
أي : أنشأنا لكم ـ أيضا ـ شجرة في طور سيناء ، ثم الشجرة التي تكون في الجبال لا صنع للخلق في إنباتها ، وما يكون في الجنان والبساتين إنما يكون بإنبات الخلق ، ثم أضاف كليهما : ما يكون للخلق فيه صنع وما لا يكون ؛ دل إضافة ذلك إليه كله على أن لله في فعل العباد صنعا ، وأن جميع ما يكون إنما يكون بصنع منه ولطف ، ويذكرهم نعمه التي أنعمها عليهم : من إنشاء الجنان لهم ، والنخيل والأعناب والفواكه التي ذكر ليتأدى