لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (١٩) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)(٢٢)
وقوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ).
قال بعضهم (١) : سبع سماوات.
وقال بعضهم : سبعة أفلاك.
يذكر هذا ـ والله أعلم ـ أيهما كان السموات أو الأفلاك التي جعل لأمر الخلق ولحوائجهم ؛ لوجهين :
أحدهما : يخبر عن قدرته وسلطانه وغناه : أن من قدر على خلق ما ذكر وإنشائه بلا سبب ، لقادر على إنشاء الخلق لا من شيء.
والثاني : أن من قدر على هذا يقدر على بعثهم وإحيائهم بعد الموت.
قال القتبي (٢) : سبع طرائق ، أي سبع سماوات : كل سماء طريقة ، ويقال عن الأفلاك : كل واحد طريق.
وإنما سمي طرائق ؛ لأن بعضها فوق بعض ، يقال : طارقت الشيء ؛ إذا جعلت بعضه على بعض. ويقال : وبشر طرائق.
وغيره قال : طرائق أهواء مختلفة.
وقوله : (وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ).
أي : لم نخلقهم على جهل منا بأحوالهم ؛ ولكن على علم منا بذلك.
ولا يحتمل أن يكون خلقه إياهم على علم منه ، ثم يخلقهم للفناء لا لعاقبة تتأمل ؛ لأن من يفعل هذا في الشاهد إنما يفعل إما للجهل به أو لحاجة ، والله يتعالى عن ذلك كله.
أو أن يكون قوله : (وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ) : خلق ما ذكر ، أي : إذا عرفتم أن خلق هذه الأشياء لا لأنفسها ، ولكن لأنفسكم ولمنافعكم ، فلا يحتمل أن يكون خلقها لكم بلا محنة ولا ابتلاء ، فإن ثبت المحنة فيكم ثبت الثواب والعقاب ؛ فإن ثبت هذا ثبت البعث والحياة ، والله أعلم.
وقوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ).
قال بعضهم : بقدر : بعلم منّا.
__________________
(١) قاله مجاهد ، أخرجه ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنهم ، كما في الدر المنثور (٥ / ١٣).
(٢) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢٩٦).