وقال بعضهم (١) : بمرأى منا.
وجائز أن يكون ـ صلوات الله عليه ـ ظن لما أمر باتخاذ الفلك : أنهم لا يتركونه أن يتخذ الفلك ؛ فأخبره ـ عزوجل ـ : أنك تتخذه بحيث تراه ، وننصرك عليهم بحيث لا يملكون منعك عن اتخاذها.
وقوله : (وَوَحْيِنا) ، أي : بأمرنا.
وقوله : (فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ) ، أي : إذا جاء الموعود بأمرنا وفار التنور.
أو أن يقول : إذا جاء وقت أمرنا بالعذاب وفار ما ذكر ، أي : خرج الماء من التنور وظهر.
وقوله : (فَاسْلُكْ فِيها).
قيل : أدخل فيها ، يقال : سلكت ، وهو الإدخال ؛ كقوله : (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) [القصص : ٣٢] ، أي : أدخل.
وتفسير (أَسْئَلَكَ) : ما ذكر في آية أخرى : (قُلْنَا احْمِلْ فِيها) [هود : ٤٠].
وقوله : (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ).
يحتمل أن يكون قوله : (اثْنَيْنِ) نعتا لقوله : (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ) : من الذكر والأنثى.
وجائز أن يكون قوله : (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ) ، أي : من كل زوجين عددين لونين : [أبيض] وأسود ، وطيب وخبيث.
وقوله : (وَأَهْلَكَ) ، أي : احمل أهلك ـ أيضا ـ في السفينة.
وقوله : (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ).
بالعذاب والهلاك ، وقد ذكرنا هذا في سورة هود.
وقوله : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ).
اختلف فيه :
قال قائلون : إنما نهاه عن مخاطبته الذين ظلموا ؛ حيث قال : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) [هود : ٤٥] ، [نهاه] أن يسأله ؛ فإن كان على هذا [فقوله] : (وَلا تُخاطِبْنِي) ، أي : لا تراجعني الكلام [في] الذين ظلموا.
وقال قائلون : قوله : (وَلا تُخاطِبْنِي) في الذين ظلموا في جميع ظلمة قومه ؛ (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) ؛ وإن كان على هذا فهو نهي عن ابتداء السؤال في نجاتهم ، والله أعلم.
__________________
(١) انظر : تفسير ابن جرير (٩ / ٢١٠).