مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٣٤) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٣٩) قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ (٤٠) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(٤١)
وقوله : (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ).
قيل : من بعد قوم نوح قرنا آخرين : عادا وغيرهم.
(فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ).
قالوا : هودا.
(أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ).
جميع الأنبياء والرسل إنما بعثوا بالدعاء إلى توحيد الله ، وجعل العبادة له.
وقوله : (أَفَلا تَتَّقُونَ).
مخالفته ، أو عبادة من دونه ، وجميع معاصيه ، على ما ذكرنا من قبل.
وقوله : (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ).
أي : بالبعث.
(وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).
قال بعضهم : أترفناهم ، أي : بسطنا لهم في الدنيا حتى ركبوا المعاصي.
وقال بعضهم : المترف : الغني الطاغي.
وقوله : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ. وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ ...) الآية.
قد ذكرنا فيما تقدم أنهم تناقضوا في قولهم : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ...) إلى قوله : (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) ؛ لما أنهم منعوا الأتباع عن أن يتبعوا الرسول ويطيعوه ؛ لأنه بشر مثلهم ، ثم طلبوا منهم الطاعة لهم والاتباع في أمورهم ، وهم بشر أمثالهم ؛ فذلك تناقض في القول وفساد (١).
وقوله : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ. هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ).
قال بعضهم (٢) : قوله : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ) : استبعاد الأمر وإنكاره ، أي : بعيدا بعيدا ، أي : أمر لا يكون.
__________________
(١) ينظر : اللباب (١٤ / ٢١٣ ، ٢١٤).
(٢) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢٥٤٩١) وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ١٦).