كان يدخل على أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم مخنث ، وكانوا يعدونه من غير أولي الإربة ، قالت : فدخل النبي ذات يوم وهو ينعت امرأة ، فقال : «لا أرى هذا يعلم ما هاهنا ؛ لا يدخلن عليكم» ؛ فحجبوه (١).
وعن أم سلمة أن النبي صلىاللهعليهوسلم دخل عليها وعندها مخنث ، فأقبل على أخي أم سلمة فقال : يا عبد الله ، إن فتح الله لكم غدا الطائف دللتك على بنت غيلان ، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان ، فقال : «لا أرى [هذا] يعرف ما هاهنا ؛ لا يدخلن عليكم» (٢).
وقال بعضهم (٣) : (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) الذين لا تهمهم ولا يخافون على النساء ، وكله واحد ، وهم الذين ليست لهم الحاجة إلى النساء.
قال أبو عوسجة : الإربة : الحاجة : والإرب جمع ، وكذلك قال القتبي (٤).
وقال ابن عباس (٥) : هو الذي لا يستحي منه النساء.
وقوله : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) قال بعضهم (٦) : هو الاطلاع ، أي : لم يطلعوا ، ولم يعلموا ، ولم يدروا ما هو من الصغر.
وقال بعضهم (٧) : لم يظهروا على عورات النساء ، أي : لم يبلغوا الحلم.
والأول أشبه عندنا ؛ وذلك أن الطفل الذي لم يحتلم قد أمر بالاستئذان في بعض الأوقات ؛ لقوله : (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ) [النور : ٥٨] فالذي يؤمر بالاستئذان هو الطفل الذي لم يحتلم ، وقد يطلع على عورات النساء ، والذي لا يؤمر بالاستئذان هو أصغر من ذلك ، وهو الذي لا يطلع على عورات النساء لصغره ، والله أعلم.
__________________
(١) أخرجه مسلم (٤ / ١٧١٦) ، كتاب السلام : باب منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب (٣٣ / ٢١٨١) ، وأبو داود (٢ / ٤٦٠) ، كتاب اللباس : باب في قوله : (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) (٤١٠٧) ، وابن جرير (٤٦٠٠٦).
(٢) أخرجه البخاري (١١ / ٥٢٢) ، كتاب اللباس : باب إخراج المتشبهين بالنساء (٥٨٨٧) ، ومسلم (٣٢ / ٢١٨٠) ، في المصدر السابق.
(٣) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٥٩٩٠) ، وعن مجاهد (٢٥٩٩١ ، ٢٥٩٩٢ ، ٢٥٩٩٣).
(٤) ينظر : غريب القرآن ص (٣٠٣).
(٥) أخرجه ابن جرير (٢٥٩٩٨) ، والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٨).
(٦) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير (٢٦٠٠٨ ، ٢٦٠٠٩) ، وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٨ ، ٧٩).
(٧) قاله سعيد بن جبير ، أخرجه ابن أبي حاتم عنه ، وعن قتادة أخرجه عبد بن حميد ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٩).