الزينة ؛ فيدخل في هذه الرخصة من ذكر من التابعين غير [أولي] الإربة من الرجال ونحوه ؛ لأن الزينة في الصدر وما ذكر إنما تكون من وراء ثياب تكون على الصدر ، ثم رخص النظر للمحارم إلى مواضع الزينة الخفية بغير هذه الآية.
أو أن يكون رخصة النظر للمحارم إلى مواضع الزينة ولغير المحارم من المماليك والتابعين غير أولي الإربة ومن ذكر ـ رخصة الدخول عليهن ؛ فيكون في الآية إضمار الدخول ؛ كأنه قال : ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ومن ذكر من المحارم ، ولا يدخل عليهن إلا العبيد والتابعون ومن ذكر من غير أولي الإربة ، فيكن في وقت دخول هؤلاء متأهبات ؛ لأن وقت دخول هؤلاء يكون معلوما يعرفن فيتأهبن لهم ؛ لأن العبيد إنما يدخلون على ساداتهم ومواليهم عند حاجتهن إليهم ، والتابعون ومن ذكر إنما يدخلون إذا دخل أزواجهن عليهن فيتأهبن لذلك ، ومثل هذا الإضمار جائز في الكلام يتبين ذلك بالثنيا كقوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) [المائدة : ١] ، دل قوله : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) أنه قد كان الصيد مذكورا فيه مرادا ؛ إذ لو لم يكن مذكورا لم يكن استثنى منه ؛ فعلى ذلك جائز أن يكون في الأول إضمار الدخول فيه لهؤلاء الذين لا يحل لهم النظر إلى مواضع الزينة منهن ورخصة الإبداء للمحارم ، أو أن يكون ما ذكرنا فيما تقدم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) قال بعضهم (١) : الشيخ الكبير الذي لا حاجة له في النساء.
وقال بعضهم (٢) : المعتوه الأحمق الذي لا يشتهي النساء ، ولا يغار عليه الأزواج.
وقال بعضهم (٣) : العنين والخصي ، وهؤلاء الذين لا يطيقون الجماع.
لكن عندنا لا يسع للعنين ولا للخصي أن يخلو بامرأة أجنبية (٤).
وقال الحسن (٥) : (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) هم المخنثون ؛ روي عن عائشة قالت :
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٨).
(٢) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير (٢٥٩٨٨ ، ٢٥٩٨٩) ، وابن مردويه عنه ، كما في الدر المنثور.
وعن مجاهد أخرجه ابن جرير (٢٥٩٩٥ ، ٢٥٩٩٦ ، ٢٥٩٩٧) ، وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٥ / ٧٨) ، وعن الزهري أخرجه ابن جرير (٢٦٠٠٢) ، وعن طاوس أخرجه ابن جرير (٢٦٠٠٣) ، وعبد الرزاق وعبد بن حميد ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٨).
(٣) قاله الكلبي أخرجه ابن المنذر عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٨).
(٤) ينظر : اللباب (١٤ / ٣٦٠).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ، كما في الدر المنثور (٥ / ٧٨).
وأخرجه ابن جرير (٢٦٠٠٧) عن عكرمة.