فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) [النحل : ٧١] لو كان ما ملكت أيمانهم يملكون ما يملك الموالي والسادات لكان المماليك يفضلون على السادات ، في الملك ؛ إذ هم الذين يتصرفون ويكتسبون الأموال دون السادات ، فدل ذكر تفضيل بعض على بعض أنهم لا يملكون ما يملك الموالي.
والثاني قوله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ ...) الآية [الزمر : ٢٩] ، ولو كانوا يملكون على ما يملك السادات ، لكانوا لهم فيه شركاء ، دل أنهم لا يملكون حقيقة الملك ، ولكن يملكون ملك التوسيع والتصرف.
أو أن يكون قوله : (يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) راجعا إلى الأحرار منهم دون المماليك ، وذلك جائز في اللسان كقوله [](١) ثم روي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاثة حق على الله تعالى أن يغنيهم : المجاهد في سبيل الله ، والناكح يريد العفاف ، والمكاتب يريد الأداء» (٢).
وعن عمر قال : «ما رأيت مثل الرجل لا يلتمس الغناء في الباءة» والله تعالى يقول : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)(٣).
وروي في الخبر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ؛ فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (٤) ، وروي في الخبر عن نبي الله صلىاللهعليهوسلم قال لعمر بن الخطاب : «ما فعلت ببناتك؟» قال : هن عندي يا رسول الله. قال : «وقد حضن؟» قال : نعم. قال : «إنك لم تحبس واحدة منهن عن كفؤ إلا نقص من أجرك كل يوم قيراط» ، وفي بعض الأخبار : «من بلغ ولده النكاح ، وعنده ما ينكحه ، فأحدث فالإثم بينهما» (٥).
وقوله : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) الاستعفاف : هو طلب العفاف ؛ كأنه قال : يطلب الأسباب التي تمنعه عن الزنا ، وتصيره عفيفا حتى يغنيه الله من فضله ، وأسباب العفة تكون أشياء :
__________________
(١) بياض في أ.
(٢) أخرجه الترمذي (٤ / ١٥٧) ، فضائل الجهاد : باب ما جاء في المجاهد والناكح والمكاتب (١٦٥٥) ، والنسائي (٦ / ٦١) ، كتاب النكاح : باب معونة الله الناكح يريد العفاف ، وابن ماجه (٢ / ٤٨١) ، كتاب العتق : باب المكاتب (٢٥١٨) ، والحاكم (٢ / ١٦٠) ، والبغوي (٥ / ٦).
(٣) تقدم.
(٤) أخرجه البخاري (٩ / ١١٢) كتاب النكاح : باب من لم يستطع الباءة فليصم (٥٠٦٦) ، ومسلم (٢ / ١٠١٨) كتاب النكاح : باب استحباب النكاح (١ / ١٤٠٠).
(٥) تقدم.