الحق لها عليه جاز ذلك إذا تولت بنفسها ؛ لما ذكرنا أن الخطاب للأولياء يخرج على الوجوه التي ذكرنا (١) ، والله أعلم.
هذا إذا كان في الآية ذكر الإناث دون الذكور ، فكيف أن ليس في الآية ذكر تخصيص الإناث دون الذكور ، واسم «الأيم» يقع على الإناث والذكور جميعا ؛ ألا ترى أنه روي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : «لما نزلت هذه الآية ما رأيت مثل ما يلتمس بعد هذه الآية إنما التمسوا الغناء في الباءة» (٢).
وما روي عن نجدة : أن عمر دعانا إلى أن ينكح من أيمنا وفي الشعر :
لله در بني على أيم منهم وناكح
وفي بعضها :
وأيم تأبى من القوم أيماه.
جمع فيها اسم «الأيم» : الرجال والنساء.
ومن الدليل ـ أيضا ـ على ذلك قوله : (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) فدل ذلك على أنه حث على تزويج البالغين من الأحرار رجالهم ونسائهم.
فإن قيل : فما وجه أمره بتزويج الرجال والأمر إليهم؟
فجواب ذلك ما ذكرنا من المعونة ، والترغيب فيه.
ثم قوله : (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ) جائز أن يكون قوله : (وَالصَّالِحِينَ) أي : المؤمنين.
وجائز أن يكون الصالحين : من طلب منكم الصلاح والعفة.
أو ذكر الصالحين لما كانت العادة في الملوك أنهم يخاطبون أهل الصلاح منهم والأخيار ، لا على إخراج غيرهم من حكم ذلك الخطاب ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) من الناس من استدل بهذه الآية [على] أن العبد يملك ؛ لأنه ذكر العبيد والأحرار جميعا ، ثم ذكر في آخره الغناء دل أنه يملك.
ويستدل بقوله : (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) [النساء : ٢٥] أضاف الأجور والإيتاء إليهن ؛ دل أنهن يملكن ، لكن عندنا أن المماليك يملكون ملك التوسيع ، وملك التصرف ، ويقع لهم غناء التوسيع وغناء التصرف ، ولا يقع لهم التمليك ، ولا حقيقة الملك ، والدلالة على ذلك قوله : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ
__________________
(١) ينظر : اللباب (١٤ / ٣٦٥).
(٢) أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد ، كما في الدر المنثور (٥ / ٨٠ ، ٨١).