قال بعض أهل التأويل (١) : مشاركته في الأموال : هي أن يجعلوا [له] البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي ؛ على ما كانوا يفعلونه.
وأمّا الأولاد : فإنهم هودوهم ونصروهم ، ومجّسوهم ، وهو قول قتادة (٢).
وقال بعضهم (٣) : مشاركته في الأموال : هي أن يكتسبوها من خبيث وحرام ، وينفقونها في مثله وفيما لا يحل.
وأمّا الأولاد : ما ولدوا من الزنا.
وقال بعضهم (٤) : الأموال : ما كانوا يذبحون لآلهتهم ، ويجعلون لها من الحرث والأنعام.
والأولاد : ما ولدوا من الزنا.
وجائز أن يكون هذا صلة ما تقدم من قوله : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ...) [الإسراء : ٦٤] إلى آخر ما ذكر ؛ حتى تشاركهم في الأموال والأولاد.
ثم معنى المشاركة له ـ فيما ذكر ، والله أعلم ـ هو أن هذه الأموال والأولاد لله ـ تعالى ـ حقيقة ؛ لما هو أنشأها وخلقها ؛ فحقيقة الملك له بما ذكرنا ، وظاهر الانتفاع لعبيده (٥) ؛ إذ هذا كله لله بحق المحنة يمتحنهم وحق الانتفاع لهم ؛ إذ لا يجوز أن يخلق الله شيئا لمنفعة نفسه ، ولكن يخلق لمنافع أنفسهم ؛ ليمتحنهم بها. وقد شرع الله لهم شرائع ، وشرع لهم إبليس شرائع ، وهو ما ذكر : (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ) [الشورى : ٢١] ، فإذا صرفوا ذلك إلى ما شرع لهم إبليس دون ما شرع الله ـ فقد أشركوه فيها ، وكل ما أطيع فيها مما [سن](٦) لهم إبليس وشرع لهم ـ فذلك شركته فيها ؛ وذلك أن الأولاد في الشاهد إنما تطلب لأحد الوجوه الثلاثة :
إمّا للاستئناس بهم في حال الوحشة.
وإمّا للاستنصار بهم والعون على أعدائهم.
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٢٤٨٤) و (٢٢٤٨٥) ، وعن قتادة (٢٢٤٨٦).
(٢) أخرجه ابن جرير (٢٢٤٩٦).
(٣) قاله ابن عباس ومجاهد والحسن أخرجه ابن جرير عنهم (٢٢٤٧٥) و (٢٢٤٨٠) و (٢٢٤٨١) ، وانظر الدر المنثور (٤ / ٣٤٨).
(٤) قاله الضحاك ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٢٤٨٧) ..
(٥) في أ : لبعده.
(٦) سقط في أ.