وإمّا للذكر بعد الوفاة.
وكذلك الأموال يطلب منها ما ذكرنا :
الانتفاع بها في حال الحياة.
وإمّا للمعونة على الأعداء.
أو الذكر بعد الموت ؛ لخيرات يتركونها ، فإذا صرفوها إلى ما أمرهم إبليس أشركوه فيها ، ومشاركته إياهم في الأموال هي أن يأمرهم ويدعوهم إلى اكتساب ما يحرم ، والإنفاق فيما لا يحل وفي الأولاد ، وكذلك يأمرهم بالمعصية ، ويدعوهم إليه فيطيعونه ويجيبونه في ذلك ، فذلك ـ والله أعلم ـ مشاركته.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَعِدْهُمْ).
قال عامة أهل التأويل : أي : وعدهم أن لا جنة ، ولا نار ، ولا بعث ، لكن يعدهم بخلاف ما وعد الله ، وخوفهم على ضدّ ما خوفهم الله : ما كان من الله لهم وعد رجاء يكون منه وعد [خوف](١) ، وما كان من الله [وعد خوف](٢) يكون منه وعد رجاء ؛ وهو ما قال : (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ) [إبراهيم : ٢٢] : أخبر أن ما وعد هو قد أخلف ، فذلك تأويل قوله :
(وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) ، أي : كذبا وباطلا ؛ لأنه يخرج كله على خلاف ما وعد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) :
يحتمل قوله : (سُلْطانٌ) وجوها ثلاثة :
أحدها : القدرة والقهر.
والثاني : في الحجة والبرهان.
والثالث : الولاية.
فأما القدرة والقهر : فليس له عليهم ذلك ؛ لأنه لم يجعل له قدرة القهر عليهم شاءوا أو أبوا ، وكذلك ليس له عليهم الحجة فيما يدعوهم إليه ويأمرهم به ، كقوله يوم القيامة حين يقول : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ ...) الآية [إبراهيم : ٢٢].
وأمّا سلطان الولاية فإن له ذلك على من اختار اتباعه وتوليه ؛ كقوله : (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) [النحل : ١٠٠] ، وقوله : (إِنَّ عِبادِي) المخلصين الذين أخلصوا
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : وعيد وخوف.