المفردات :
(كان) فعل يدل على الوجود والحصول في الماضي بقطع النظر عن الدوام أو الانقطاع ، وقد يستعمل للأزلية كما في صفاته تعالى : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً). (الْأَذى) : الضرر البسيط. (يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) : كناية عن الانهزام ، فالمنهزم يحول ظهره إلى عدوه. (ضُرِبَتْ) : ألصقت بهم وأثرت فيهم. (الذِّلَّةُ) : الذل. (ثُقِفُوا) : وجدوا. (بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ) الحبل : العهد. (وَباؤُ) : رجعوا ، والمراد كانوا أحقّاء بغضب الله ، مأخوذ هذا من البواء ، أى : المساواة ، يقال : باء فلان بدم فلان : إذا كان حقيقا أن يقتل به لمساواته له ، والمراد حلوا في العذاب ، من المباءة ، وهو : المكان. (يَعْتَدُونَ) : يتجاوزون الحد.
هذا كلام مستأنف سيق لتثبيت المؤمنين على ما هم عليه من الاعتصام بالله والاتفاق على الحق والدعوة إلى الخير على أنه تحريض وإلهاب للهمم.
المعنى :
أنتم خير أمة في الوجود الآن ، وذلك لأن جميع الأمم قد غلب عليها الفساد وعمتها الفوضى ، فلا يعرف فيها معروف ولا ينكر فيها منكر ، فأنتم خير أمة أخرجت للناس ، وذلك لأنكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله إيمانا كاملا صادقا «والإيمان بالله على هذا النحو لا يكون إلا إذا استوعب صاحبه جميع ما يجب الإيمان به ، فلو أخلّ بشيء لم يكن مؤمنا بالله ـ تعالى ـ إيمانا كاملا ، وإنما قدم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على الإيمان بالله لأنهما أظهر في بيان فضل المسلمين على غيرهم ، على أن الإيمان يدعيه أهل الكتاب وإن تكن دعوى باطلة».
ولو أن أهل الكتاب آمنوا إيمانا حقيقيا لكان خيرا لهم ؛ إذ هم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ، أو يؤمنون ببعض الرسل كموسى وعيسى ، ويكفرون بمحمد ، على أنهم كيف يدعون الإيمان وفي صلب كتبهم البشارة بمحمد وصفته فأنكروا كل ذلك ولم يؤمنوا به؟