بالأسباب وإعداد العدة وتجهيز الجيوش بالسلاح والعدد الملائمة لكل عصر ، ومع التوكل على الله.
ولذلك ذكرهم الله بغزوة بدر حيث نصرهم على عدوهم لما كانوا متوكلين عليه ممتثلين أمره وأمر رسوله ، ولقد نصركم الله ببدر وأنتم قلة إذ كنتم ثلاثمائة ، والكفار ألف مقاتل ، فلا عدد معكم ولا عدد ، وهذا معنى الذلة.
فاتقوا الله بالثبات مع رسوله والصبر والوقوف عند أمره ، فإن هذا عدة الشكر والشكر سبب النعم والنصر.
واذكر يا محمد وقت قولك للمؤمنين يوم أحد ـ وقد رأوا العدو يفوقهم وانخذل عنهم عبد الله بن أبىّ وأصحابه ـ : ألن يكفيكم إمداد الله لكم بثلاثة آلاف من الملائكة؟؟ بلى يكفيكم الإمداد بهذا ، ومع ذلك إن تصبروا على الغنائم وشدة الجهاد ونزال العدو وتتقوا الله وتطيعوا أمر نبيكم ولا تتنازعوا ولا تختلفوا على الغنائم ويأتيكم المشركون من ساعتهم هذه بسرعة ، نعم إن حصل هذا وهو الصبر والتقوى بمعانيهما ، وإتيان العدو بسرعة يعجل الله نصركم وييسر أمركم ويمدكم بخمسة آلاف من الملائكة مرسلين فاتكين بالعدو (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً).
الظاهر ـ والله أعلم ـ أن الله أمد المؤمنين يوم بدر بالملائكة لقوله ـ تعالى : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [سورة الأنفال الآية ٩].
وأما في غزوة أحد فقد وعد النبي صلىاللهعليهوسلم المؤمنين أن الله سيمدهم بثلاثة آلاف بل بخمسة آلاف إن صبروا واتقوا ... ولم يتحقق الشرط وخالفوا النبي ، ولو أمدهم لهزموا الكفار من فورهم.
والإمداد بالملائكة يجوز أن يكون من قبيل إمداد العسكر بما يزيد عددهم ، أى : إمداد مادى ، وفي هذا روايات كثيرة ، ويجوز أن يكون من قبيل الإمداد المعنوي وهذا هو الظاهر ـ والله أعلم ـ فيكون عمل الملائكة بالجيش عملا روحيا معنويا كتثبيت القلوب وتقوية النفوس وإذاعة روح الطمأنينة فيقاتل الجيش عن عقيدة ، وفي جانب العدو يشيعون روح الهزيمة والانخذال ويكثرون سواد المسلمين في نظرهم.