(وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ) : ولا تلتفتون لأحد فجازاكم. (أَمَنَةً) : الأمنة والأمن سواء. (الْغَمِ) : ألم وضيق في الصدر من الأمر الذي لا يدرى الخلاص منه. (لَبَرَزَ) : لخرج. (مَضاجِعِهِمْ) : مصارعهم التي يصرعون فيها. (اسْتَزَلَّهُمُ) : أوقعهم في الزلل والخطأ.
سبب النزول :
روى الواحدي عن محمد بن كعب قال : لما رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة وقد أصيبوا بما أصيبوا يوم أحد قال الناس : من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله تعالى النصر؟ فأنزل الله : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) (الآية). وتلاها ذكر الحوادث وأسبابها.
المعنى :
وتالله لقد وفّى لكم ربكم وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده وهزم المشركين وقت أن أخذتم تقتلونهم قتلا وتفتكون بهم فتكا ، كل ذلك بتيسير الله ومعونته ، وإذنه وإرادته.
نعم صدقكم الله وعده ، حتى ضعفتم في الرأى وجبنتم في الحرب ، وفشلتم وتنازعتم واختلفتم فقال قائل : فيم وقوفنا وقد انهزم المشركون؟ وقال بعضهم : لا نخالف أمر الرسول أبدا ، وما ثبت مكانه إلا عبد الله بن جبير في نفر قليل من أصحابه ، وكان ما كان من أمر انهزامكم مما ذكر في (غزوة أحد).
منكم من يريد الدنيا وهم الذين تركوا أماكنهم طلبا للغنيمة ، ومنكم من يريد الآخرة وهم الذين ثبتوا في مكانهم ولم يخالفوا أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم.
ثم كفّكم عنهم حتى تحولت الحرب ودالت الدولة. فعل هذا بكم ليمتحن إيمانكم ويتبين أمركم ، فيظهر الصادقون من المنافقين ، ولقد عفا الله عنكم بذلك الابتلاء الذي محا أثر الذنب من نفوسكم وتاب عليكم لما ندمتم على ما فرط منكم ، إنه هو التواب الرحيم وهو ذو الفضل العظيم على المؤمنين ؛ وكم نقمة في طيها نعم.