جمعوا لكم جموعهم فاخشوهم ولا تخرجوا إليهم ، وكان ذلك في غزوة بدر الصغرى (بدر الموعد) (فَزادَهُمْ إِيماناً) أى : فزادهم قول الناس لهم إيمانا وثقة به ويقينا في دينه ، من حيث خافوه ولم يخافوا الناس واعتمدوا على نصره وعونه وإن قل عددهم ؛ فإنه هو العزيز القوى (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً) [سورة الأحزاب آية ٢٢].
(وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) : كافينا الله ونعم الوكيل ، فهو على كل شيء قدير ونعم المولى ونعم النصير. وفي الحديث : «إذا وقفتم في الأمر العظيم فقولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل» وفي رواية : للبخاري عن ابن عباس : قالها إبراهيم الخليل حين ألقى في النار ، وقالها محمد صلىاللهعليهوسلم حين قال لهم الناس : إن الناس قد جمعوا لكم.
لما فوضوا أمورهم إليه ، واعتمدوا بقلوبهم عليه أعطاهم من الجزاء أربعة : النعمة ، والفضل ، وصرف السوء ، واتباع الرضا ، فرضّاهم عنه ورضى عنهم وذلك هو الفوز العظيم ، وفي هذا إشارة إلى الخسارة الفادحة التي لحقت بالقاعدين المتخلفين المنافقين وذلك معنى قوله تعالى : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) (الآية).
إنما ذلك الشيطان ـ وهو نعيم بن مسعود ـ المثبط للمسلمين يخوف أولياءه الذين قعدوا عن رسول الله ، وقيل : المعنى إنما ذلك قول إبليس الملعون يخوفكم أولياءه من صناديد الكفار كأبى سفيان ، فلا تخافوهم وخافوني فاتبعوا أمرى وجاهدوا مع رسولي ، سارعوا إلى ما يأمركم به إن كنتم مؤمنين حقا.
ما يؤخذ من الآية :
١ ـ أن المؤمن القوى لا يكون جبانا ، بل الجبن لا يجتمع مع الإسلام الكامل.
٢ ـ مكانة الاستشهاد في سبيل الله وجزاؤه عند الله.
٣ ـ أن الخوف يجب أن يكون من الله فقط لا من الأعداء مهما كانوا.
٤ ـ على المؤمن أن يعالج أسباب الخوف فلا يسترسل فيها حتى على تلك العادة الرذيلة.