ونعمه الكثيرة. (مَوالِيَ) : جمع مولى ، والظاهر أن المراد به من يحق له الاستيلاء على التركة ، وقيل غير ذلك. (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) قيل : إن المراد بهم الأحلاف ، فقد كان من عادة العرب أن يتحالف الرجل مع رجل آخر على تبادل النجدة والمعونة ، وكان الحليف يرث السدس. وقيل وهو الظاهر : إن المراد بهم الأزواج.
ونحن في بيوتنا وأسرنا ومجتمعنا الصغير والكبير أحوج ما نكون إلى معرفة حكم الله في الاعتداء على المال أو النفس ، ولذا وضعت هذه الآية هنا.
المعنى :
المال شقيق الروح ، والاعتداء عليه يورث العداوة بل قد يجر إلى الجرائم والاعتداء على النفس أقسى اعتداء وأشده ، قد تنجم عنه حروب وثارات ، واجتناب الكبائر وإعطاء الحقوق لأربابها من دعائم المجتمع السليم ؛ لذا عالج القرآن هذا بأحسن علاج.
يا أيها المؤمنون : لا تكونوا من ذوى الأطماع في حقوق الغير ، الذين يأكلون أموال الناس بغير حق ، فلا يأكل بعضكم مال أخيه الذي بينه وبينه ويتخاصم لأجله بالباطل ، ولكن كلوه عن طريق التجارة ما دامت عن تراض منكم ليس فيها كذب ولا خداع ولا غش ولا تدليس.
والتجارة مشروعة ، ومتى كانت بالتراضي مع الذكاء وحسن العرض وجذب قلوب الناس بحسن الكلام والوسائل المغرية غالبا يأتى معها الربح الكثير ، وإنما أضاف الأموال إلى الجميع (أموالكم) للإشارة إلى أن مال الفرد مال الأمة ، والاعتداء على مال الفرد اعتداء على مال الأمة جمعاء ، فنحن خلفاء الله في هذا المال. والمال للكل ، فالفقير والمحتاج له منه نصيب فلا تمنعوه ... وهذه هي الاشتراكية الإسلامية ، احترام الملكية وإيجاد حق معلوم للسائل والمحروم بالزكاة المقيدة والمطلقة ، وحث على العمل ومنع الاعتداء على حق الغير إلا بحق الإسلام.
واستثناء التجارة من الأكل بالباطل فيه إشارة إلى أن معظم أنواع التجارة يدخل فيها أكل مال الغير ، وإنما أبيحت للترغيب فيها «تسعة أعشار الرزق في التجارة» فهي عماد الحياة ودعامة العمران. متى خلت من الغش والكذب.