وإن كان عالما فالواجب عليه أن يرشد الناس إلى الخير ، ويهديهم إلى طريق الحق ويوقفهم على أسرار الشرع حتى يتمسكوا بأهداف الدين وإلا اعتبر مقصرا في واجبه إن لم يكن خائنا للأمانة. وأمانته مع نفسه بأداء ما طلب منه.
ألست معى أن الأساس الأول للحكومة الإسلامية هو (الأمانة) بل هي الدعامة لإقامة مجتمع طاهر ونظيف وأمة رشيدة؟
الأساس الثاني (العدل) نعم العدل أساس الملك وأصل من أصول الدين الإسلامى لأنه شريعة ودولة ودين ودنيا ، فالعدل واجب على الحكام والولاة حتى تصل الحقوق لأربابها كاملة غير منقوصة ، ولذا أمر الله به في كثير من الآيات (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى). [سورة المائدة آية ٨] (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) [سورة النساء آية ١٣٥].
وإذا كان هذا إرشاد الله ووعظه فنعم شيئا يعظكم به أيها المسلمون ، إن الله كان سميعا لكل مظلوم وصاحب حق وأمانة ، وبصيرا بكل خائن أو مقصر في واجبه أو متسبب في ضياع الحق بأى شكل ولون.
وعلى الشعب بالنسبة للحكام والقادة السمع والطاعة ما داموا قد أدوا الأمانة على خير وجه وحكموا بالعدل بين الناس ، يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله بتنفيذ أحكامه والعمل بكتابه ودستوره. وأطيعوا الرسول فهو الذي بين لنا دستور السماء (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (١) وأطيعوا أولى الأمر وهم أهل الحل والعقد في الأمة ، أى : السلطة التشريعية في البلد ، وهي تتكون من الحكام والولاة والنواب والشيوخ والعلماء والزعماء ، أطيعوهم متى أجمعوا على أمر من الأمور بشرط أن يكونوا أدوا الأمانة وأقاموا العدالة وأطاعوا الله ورسوله بتنفيذ دستور القرآن عند ذلك تجب طاعتهم على الناس وهذا هو المسمى بالإجماع في علم الأصول.
فإن تنازعوا في شيء فالواجب رده إلى نظيره ومثله في القرآن والسنة ، والذي يفهم هذا هم العلماء الأعلام العاملون المخلصون لله ولرسوله ، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر فاعملوا بهذه الوصايا وامتثلوا أمر الله فذلك خير لكم في الدنيا والآخرة ، وأحسن تأويلا ، ويؤخذ من الآية الكريمة أن أصول التشريع في الدين أربعة :
__________________
(١) سورة النحل آية ٤٤.