حددوها بمسيرة ثلاثة أيام بلياليها على القدم أو على البعير وحددت الآن بالكيلومتر حوالى ٨١ كيلو متر ، وبعضهم يرى القصر مع أى سفر كان.
إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا بمعنى أن يتعرضوا لكم بما تكرهونه من القتال وغيره فليس عليكم جناح ، قال العلامة أبو السعود في تفسيره : «وهذا شرط معتبر في شرعية ما يذكر بعده من صلاة الخوف المؤداة بالجماعة ، وأما في حق مطلق القصر فلا اعتبار له اتفاقا لتظاهر السنن على مشروعيته» وقد روى عن عمر ـ رضى الله عنه ـ أنه سئل عن قوله تعالى : (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) وعن أمن الناس فقال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته».
فالظاهر ـ والله أعلم ـ أن السفر مطلقا يقتضى القصر ، وقوله تعالى : (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ) كقوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) (١) حيث إن الإكراه حرام مطلقا أردن التحصن أم لم يردن.
إن الكافرين كانوا لكم عدوّا مبينا ظاهرا فاحذروهم في السفر والإقامة ... ولقد ذكر القرآن الكريم كيفية صلاة الخوف بعد ذكرها مجملة ، وأنه لا إثم فيها لأنها تزيد على صلاة القصر بكثرة التغير عن الهيئة العامة مع القصر.
وإذا كنت يا محمد فيهم ـ وكذلك كل إمام قائم مقامك ـ فأقمت لهم الصلاة وناديتهم لها بالأذان والإقامة. فالواجب أن يقسم الجيش طائفتين ، فلتقم طائفة منهم معك في الصلاة وليأخذوا أسلحتهم معهم حتى لا يحتاجوا إلى مجهود عقب الصلاة ، وربما باغتهم العدو فيكونون على استعداد ، فإذا سجدوا فليكن الذين يحرسون من ورائكم في اتجاه العدو مستعدين لرده إن حدثته نفسه بالاعتداء ، والظاهر أن المراد بالسجود هنا إتمام الصلاة ، فإذا أتمت الطائفة الأولى صلاتها وأنت واقف في أول الركعة الثانية فلتأت الطائفة الثانية التي كانت حارسة ، وتقتدى بك وتأخذ حذرها وأسلحتها ، ولعل الحكمة في الأمر بأخذ الحذر لها أن العدو قد يكون تنبه في صلاة الطائفة الأولى فمن الحكمة أن تحذر الثانية وتتنبه ثم تصلى بها الركعة الثانية لك وتنتظرها في جلوس التشهد الأخير حتى تقوم هي وتصلى الركعة الثانية لها ثم تسلم بها ، وعلى هذا تحظى الطائفة الأولى بالتكبير مع الإمام والثانية بالتسليم معه.
__________________
(١) سورة النور آية ٣٣.