فالديانة المسيحية الصحيحة مبنية على أساس التوحيد البريء لله سبحانه ذاتا وصفة وفعلا ، ولكن الكنيسة أدخلت هذه الوثنيات والعقائد الزائفة في عقول أبنائها لأمر في نفوس القوم ، ولما رأوا القرآن يعارضهم في ذلك كذبوه وأنكروا ، وهو الذي برأ مريم من قول اليهود!! ووضع عيسى الموضع اللائق (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) [سورة مريم آية ٣٤] وفي أقوال الأحرار من المسيحيين ما يؤيد هذا وهي موجودة في كتاب الشيخ رشيد رضا (تفسير الشيخ محمد عبده) الجزء السادس من تفسير هذه الآية. وفي كتاب (إظهار الحق).
وإذا كان الأمر كذلك فآمنوا بالله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، لم يلد ، ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ... وآمنوا برسله جميعا لا فرق بين نبي ونبي ، ولا تقولوا الآلهة ثلاثة (الأب والابن وروح القدس) أو الله ثلاثة أقانيم كل منها عين الآخر وكل منها إله كامل ومجموعها إله واحد.
فإن هذا إشراك بالله وترك للتوحيد الذي هو ملة أبيكم إبراهيم وهذا كلام ينافي العقل الراجح والفكر السليم ؛ إذ كيف يكون واحدا وثلاثة وكيف يحل الإله في بعض خلقه؟ وكيف يتحدد ، وهل طبيعة الإله كطبيعة البشر؟ أظن لا!! بل طبيعة البشر تتنافى مع طبيعة الملك فهذا لا يأكل ولا يشرب ، وعيسى وأمه يأكلان ويشربان! وما ميزة عيسى على غيره من الأنبياء؟ أرسل مؤيدا بالمعجزات وكانت كغيرها لم تجر على سنن الطبيعة بل بقدرة الله وقوته كما نص القرآن الكريم ، وموسى الكليم ، ومحمد كذلك. فكيف تقولون : عيسى إله؟ ـ انتهوا خيرا لكم ، وقولوا قولا حسنا يكن خيرا لكم ، وأجدى من هذا العبث والوثنية والعصبية الحمقاء.
إنما الله إله واحد ، لا إله إلا هو ، سبحانه وتعالى عما يشركون!
سبحان أن يكون له ولد فليس المسيح ابنه ؛ إذ الولد يقتضى اتصالا جنسيا بالأم ، وحاجة إليه ، وإلى أمه ، حتى يبرز إلى الوجود أفيليق هذا!
لا : يا قوم! الله له ما في السموات وما في الأرض ، ملكا وخلقا وعبيدا وتصريفا (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً. لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [سورة مريم آية ٩٣ ـ ٩٥].