إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وهو مكون بكلمة (كن) التكوينية (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران ٤٧] نعم كل مولود له سبب ظاهر وهو اتصال الجنسين ، وله سبب حقيقى وهو إرادة الله المعبر عنها بكلمة (كن) فلما انتفى مع عيسى السبب الأول بالبرهان ثبت أن عيسى خلق بالسبب الثاني وهو كلمة (كن) أوصلها الله مريم بواسطة جبريل (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) [سورة آل عمران آية ٤٥].
وهو مؤيد بروح كائنة منه ـ سبحانه وتعالى ـ لا بعضا منه كما فهم المسيحيون ، وإلا لكان كل شيء بعضا من الله بدليل قوله : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) [الجاثية ١٣] وكونه مؤيدا بروح منه يؤيده قوله : (وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) [البقرة ٨٧ و ٢٥٣] وقيل : المعنى : أن عيسى خلق بنفخ من الله وهو جبريل ، ويوضحه قوله تعالى : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) [الأنبياء ٩١] (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) [سورة مريم آية ١٧].
وقال بعضهم : المعنى : أن المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ورحمة منه ويقويه قوله تعالى : (وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) [سورة مريم آية ٢١] ، وما لنا نعجب من خلق عيسى بلا أب؟ حتى تنكب المسيحيون طريق الحق وانغمسوا في الشرك والتثليث هذا!!
فهذا آدم خلق بلا أب وأم (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) [سورة آل عمران آية ٥٩] وهذه حواء خلقت من آدم فقط!!
وبما ذا نرد أصول الحيوانات جميعا!! وكما يقولون : هل البيضة أصل أم الفرخة؟ أيا كان فمن الذي أوجد الأصل الأول من الفرخة أو البيضة؟ هو الله : بلا تناسل وبدون تزاوج معروف.
ومن الغريب أن بعض النصارى يفهمون قوله تعالى : (رُوحٌ مِنْهُ) أن عيسى ابن الله أو جزء الإله أو ثالث ثلاثة ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، والذي أوقع المسيحيين في هذا هو التشابه في التوراة والإنجيل ، وما وصل إليهم عن طريق الوثنيين من اليونان والرومان والمصريين القدامى والبراهمة.