يا رسول الله ، وانظر إلى تكريم الله له فإنه ينادى الأنبياء بأسمائهم وما ناداه باسمه قط.
يا أيها الرسول : لا يهمنك أمر الذين يسرعون بالوقوع في الكفر ، ولا تأس عليهم فالله بهم محيط ، وهو ناصرك عليهم حتما ، مهما أظهروا من عداوة ، وتعاونوا مع المشركين وألبوهم عليك.
والمراد من النهى عن الحزن النهى عن لوازمه التي يفعلها الشخص مختارا كتذكر المصائب وتعظيم شأنها.
ومن هم المسارعون بالوقوع في الكفر ، والتنقل في أساليبه وألوانه؟ هم المنافقون الذين آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم ، وبعض اليهود الذين يبلغون في سماع الكذب من أحبارهم الذين يلقون إليهم الأخبار الكاذبة في حق النبي صلىاللهعليهوسلم وقيل : سماعون للأخبار من النبي صلىاللهعليهوسلم ثم ينقلونها إلى الأحبار فيحيكون الأكاذيب على النبي صلىاللهعليهوسلم موافقة لبعض ما يصدر عنه صلىاللهعليهوسلم فيكون عملهم التجسس على النبي.
سماعون الكذب للأخبار ، وسماعون لقوم آخرين لهم رأى خاص واتجاه آخر ، موصوفون بأنهم لم يأتوك من شدة الكراهة لك ، والحسد عليك ، وقد كان بعض زعماء اليهود ، يأبون على أنفسهم أن يجلسوا مع النبي صلىاللهعليهوسلم!! وهم يحرفون الكلم من بعد مواضعه بنقل كلمة مكان أخرى ، أو إخفائها وكتمانها ، أو بحمل الألفاظ على غير ما وضعت له.
وهم يقولون لأتباعهم ـ كما ورد في سبب النزول ـ إن أعطاكم محمد رخصة بالجلد عوضا عن الرجم فخذوها ، وإن حكم بالرجم فاحذروا قبوله ، وما لك تحزن عليهم؟ والحال أنه من يرد الله أن يختبره في دينه ، ويظهر أمره ويكشف سره ، فلن تملك له من الله شيئا يمنع ذلك ، وهؤلاء المنافقون واليهود قد أظهرت فتنة الله لهم مقدار فسادهم ، فهم الذين وضعوا أنفسهم للكذب ونقله وتحريف الكلم وكتمانه اتباعا لأهوائهم ، ومرضاة لرؤسائهم وذوى الجاه فيهم ، فلا تحزن عليهم ولا تطمع فيهم أبدا.
أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم ، ويزكى نفوسهم ، لأن سنة الله في خلقه