(وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (١) وأن النفس إذا مرنت على السوء والشر لم يعد لها طريق للخير ، ولا سبيل للنور!!
لهم في الدنيا خزي بفضيحتهم وهتك سترهم ، وظهور الإسلام والقضاء عليهم ، ولهم في الآخرة عذاب عظيم هوله شديد وقعه.
ولا غرابة في ذلك فهم قوم سماعون للكذب ، مروجون له ، أكالون للسحت آخذون الرشوة ، سباقون للمحرم ، وهكذا كل أمة في طور انحلالها ينتشر فيها الخلق الرديء خاصة الكذب والبهتان والرشوة والسحت ... فإن جاءوك فاحكم بينهم بما ترى ، أو أعرض عنهم ، قيل : هذا الحكم نسخ بقوله : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) (٢) وقيل : هذا في غير أهل الذمة ، أما هم فقانون الإسلام قانونهم.
وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا أبدا. وإن حكمت فاحكم بينهم بالعدل الذي لا شك فيه وهو قانون القرآن. وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ظاهر واضح ، ثم هم يتولون ويعرضون من بعد ذلك. وما أولئك بالمؤمنين أبدا ، ذلك أن أمرهم عجب. كيف يدّعون الإيمان بالتوراة ، ولا يحكمون بها ويطلبون الحكم من غيرها؟؟ والأعجب من هذا أنهم تركوا التوراة لأنها لم توافق أهواءهم ، وجاءوا يحكمون القرآن ثم تولوا وأعرضوا لأنه لم يوافق أهواءهم فهذا حالهم وديدنهم ، وما أولئك بالمؤمنين أبدا.
أما نحن المسلمين فأخشى ما أخشى ـ وقد تركنا حكم القرآن ، وجئنا نحكم أهواءنا بل وأحكام من ليسوا على ديننا وشاكلتنا ـ أن ينطبق علينا قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٣) الظالمون الفاسقون!
__________________
(١) سورة الأحزاب آية ٦٢ ؛ والفتح آية ٢٣.
(٢) سورة المائدة آية ٤٩.
(٣) سورة المائدة آية ٤٤.