أما كفارة اليمين إذا حنثت فيه :
فكفارته : إطعام عشرة مساكين طعاما وسطا بلا إسراف ولا تقتير ، كما تطعم أهلك في الظروف المعتدلة ، ومن زاد في الخير فلا بأس به ، وقدر بنصف صاع من برّ أو صاع من غيره لكل مسكين ، والصاع بالكيل المصرى قدحان وثلث. أو تغديهم وتعشيهم بخبز ولحم أو لبن ، أو خضار ، أو زيت ، كل على قدر طاقته.
فإن لم يكن طعام لعشرة فكسوتهم لكل فقير (جلابية) متوسطة الثمن أو قميص أو سروال أو طاقية ، أو تحرير رقبة مؤمنة ، فهو مخير بين الإطعام والكسوة والعتق ، فمن لم يجد ذلك ولم يستطع إطعام أو كسوة أو عتقا ، فعليه صيام ثلاثة أيام متتالية على الصحيح ، وقد فسروا الاستطاعة بأن يكون عنده ما يزيد على إطعام أهله يوما وليلة.
فإن عجز عن ذلك كله استقر الحق في ذمته حتى يستطيع ، ذلك المذكور كفارة أيمانكم ، إذا حلفتم حلفا شرعيّا وحنثتم ، واحفظوا أيمانكم ، فلا تبذلوها لأتفه الأسباب ، ولا تجعلوها عرضة ، وإن حنثتم فاحفظوها بالكفارة ، وإن حلفتم فلا تنسوا ما حلفتم عليه ، ولا تحشوا إلا لضرورة ، ويكون الحنث فيها أفضل من السير مع اليمين الكاذبة. مثل هذا البيان الشافي الواضح يبيّن الله لكم آياته وأحكامه ليعدّكم ويؤهلكم لشكره على نعمه جل شأنه.
واليمين الغموس : التي يضيع بها حق المسلم ، أو يقصد بها غش أو خيانة ، فلا يكفرها عتق ولا صدقة ولا صيام ، بل لا بد فيها من توبة ورجوع إلى الله مع أداء الحقوق لأربابها ، قال رسول الله : «من حلف على يمين صبر وهو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقى الله وهو عليه غضبان» (رواه البخاري ومسلم) ، ويقول الله : (وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [سورة النحل آية ٩٤].