المعنى :
كان لعناد المشركين مع النبي صلىاللهعليهوسلم أثر كبير في نفسه ، وكانوا يطلبون منه آيات غريبة جهلا منهم بموقف الرسول ومهمته ورسالته ، فقال الله للنبي صلىاللهعليهوسلم ما معناه. قل لهؤلاء : أنا لا أدّعى لكم أن عندي خزائن الله أملكها وأقسمها بين الخلق ، وأتصرف فيها ، ولم أدع أنى أعلم الغيب الذي استأثر الله بعلمه فلم يطلع أحدا عليه من رسول أو ملك ، اللهم إلا ما علمه الرسول عن طريق الوحى الإلهى فهو من العلم الضروري لا الكسبي ، ولم أدّع أنى من الملائكة آتى بما لا يأتى به البشر.
والمعنى : لست أدّعى الألوهية أو الملكية حتى تطلبوا منى ما ليس في طاقتي وقدرتي ، وإنما أنا بشر قد شرفني الله بالنبوة ، وما أتبع إلا ما يوحى إلىّ فقط ، وهذه الرسالة ليست لي خاصة بل سبقني بها رسل كرام قبلي.
واعلموا أن التصرف المطلق في الكون لله وحده الواحد القهار ، القادر على أن ينزل الآيات التي تطلبونها وغيرها ، وهو العليم بما كان وما سيكون ، أما الرسول فيبلغ عنه أمر الدين ، وليس قادر على ما لا يقدر عليه البشر من تفجير الينابيع والأنهار ، وخلق الجنات والبساتين ، وإسقاط السماء كسفا والإتيان بالله والملائكة قبيلا وغير ذلك مما يطلبه المعاندون.
وإذا كان الأنبياء لم يؤتوا القدرة على التصرف فيما وراء الأسباب فمن باب أولى غيرهم من الأولياء الصالحين.
قل لهؤلاء : هل يستوي الأعمى والبصير؟ والضال عن طريق الحق والهدى والمهتدى إلى سواء السبيل؟ وكيف يستويان؟ ، أعميتم فلا تتفكرون فيما أذكر لكم من الحجج وأدعوكم إليه؟! وتنظرون إلى القرآن وما فيه!! وإلى بلاغته ومعانيه! وأنه ليس في مقدوري أن آتى بمثله ، فقد لبثت فيكم عمرا من قبله ، بعيدا عن الإتيان بمثل ذلك عاطلا عن هذه المعرفة وتلك العلوم!
وأنذر بما يوحى إليك الذين يخافون من الحشر ، والحال أنهم يعتقدون بأن ليس لهم فيه ولى ولا شفيع بل الأمر كله لله! فهم الذين ينتفعون به ، ولقد كرر القرآن هذا