وهل هذا خطاب للمشركين حسب السياق؟ أم هو خطاب للمؤمنين حسب حديث النعمان بشير ـ رضى الله عنه ـ إذا كان هذا حال السقاية والعمارة مع المؤمنين فما بال الكفار الذي يفتخرون بهما؟!!
نعم لا يستوون عند الله أبدا ، وإن كان في كل خير ، إلا أن الإيمان بالله واليوم الآخر والجهاد في سبيل الله مع بذل النفس والنفيس أعلى درجة وأعظم مكانة عند الله ؛ والله لا يهدى القوم الظالمين إلى معرفة جهة الفضل ، وموضع الخير ، إذ قد طمس الله على قلوبهم.
الذين آمنوا بالله ورسوله وهاجروا ، وجاهدوا في سبيل الله ولإعلاء كلمته باذلين النفس والمال هم أعظم درجة ، وأعلى مكانة ممن لم يتصف بهذه الصفات كائنا من كان ، وإن حاز جميع ما عداها من الكمالات التي من جملتها السقاية والعمارة.
فإن فهمت الآية على أن الخطاب للمؤمنين المتفاخرين حسب حديث النعمان بن بشير قلنا : إنه لا مراء أن في السقاية والعمارة خيرا وإن كان الإيمان والجهاد أعظم درجة عند الله.
وإن فهمت الآية على أن الخطاب للمشركين والتفاخر من الكفار كان المعنى : نعم للسقاية والعمارة درجة عند الله إذا فعلا كما يرضى الله ورسوله ، ولكن الشرك يحبط عملهما كما سبق.
وأولئك المؤمنون المهاجرون والمجاهدون هم الفائزون بمثوبة الله وفضله وكرامته.
وما هذا الفوز؟ أجاب الله بقوله : يبشرهم ربهم في كتابه المنزل على نبيه برحمة واسعة ، ورضوان من الله أكبر من كل شيء ، وجنات لهم فيها نعيم مقيم دائم ، وهم خالدون فيها وماكثون إلى ما شاء الله عطاء غير مجذوذ ، أى : غير مقطوع.
إن الله عنده أجر عظيم فلا غرابة في هذا : (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [سورة التوبة آية ٧٢].
وقد ورد عن أبى سعيد الخدري ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن