وفيه : ان التوفيق العرفي إنما يكون بملاحظة مرجحات باب الدلالة والمعارضة ، لا بملاحظة مرجحات باب المزاحمة ، لوضوح الفرق بين البابين ، مع ان الحمل المزبور ، لا يجدي في رفع غائلة اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد لما مر ان اجتماع المصلحة ، والمفسدة ، والمؤثرتين ، في المحبوبية والمبغوضية ، غير ممكن.
واما ما أورده المحقق النائيني (١) على ما أفاده المحقق الخراساني ضابطا في المقام ، بما حاصله ، ان لازم ذلك عدم تحقق مورد للتعارض أصلاً إذ انتفاء الملاك لا يمكن استكشافه من نفس الدليلين لعدم تكاذبهما في ذلك وإنما يكون تكاذبهما في الوجوب والحرمة ، ولو دل دليل من الخارج على انتفاء الملاك في أحدهما يكون ذلك من موارد اشتباه الحجة باللاحجة.
فيرد عليه : أولا : ما ذكره المحقق الخراساني بقوله ، فان انتفاء أحد المتنافيين كما يمكن ان يكون لأجل المانع مع ثبوت المقتضى له ، يمكن ان يكون لأجل انتفائه ، فعلى الامتناع وكون الدليلين في مقام بيان الحكم الفعلي يكون الدليلان متعارضين.
وثانيا : انه لو علم من الخارج انتفاء الملاك في أحد الحكمين الموجب للعلم بكذب أحدهما بناء على مسلك العدلية من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد يكون ذلك من باب التعارض ، لا اشتباه الحجة باللاحجة كما حققناه في مبحث التعادل والترجيح.
__________________
(١) أجود التقريرات ج ١ ص ٣٥٦ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ١٦٠ ـ ١٦١.