.................................................................................................
______________________________________________________
ولا يخفى ان الملاك لهذه القاعدة اذا كان الحسن والقبح العقليين فهو يتم عند من يقول بالحسن والقبح العقليين ، اما مثل الاشاعرة فلا يتم الاستدلال على وجوب دفع الضرر المظنون عندهم من هذه الجهة ، لانهم لا يقولون بالحسن والقبح العقليين.
الثاني : ان الملاك لاستقلال العقل بوجوب دفع الضرر المظنون هو ان العاقل لا يقدم على الضرر المظنون ، بل من طبيعة كل ذي شعور هو الفرار من الضرر المظنون ، وهذا مما لا يختلف فيه احد ، والعقلاء كلهم قد اطبق عملهم عليه بل هو من طبيعة كل ذي شعور ، فانه بجبلته يفر عن الضرر المظنون.
ولا اشكال ان العقلاء اذا اطبقوا في مقام العمل على شيء فيصح للشارع الاعتماد على ما اطبقوا عليه في تنجيز اوامره ، بل هو بما انه رئيس العقلاء فلا طريقة له غير طريقتهم ، فاذا ظن المجتهد بالحكم فحيث انه يظن بالضرر في مخالفته فلو اصاب ظنه الواقع كان للشارع عقابه ، وهذا هو معنى حجية الظن ، فان الحجية هو التنجيز عند الاصابة للواقع والعذر عند المخالفة.
وقد اشار المصنف الى ان هذا الطريق الثاني هو الملاك لاستقلال العقل بهذه الكبرى ، وهي وجوب دفع الضرر المظنون ، لانه مما اطبق عليه جميع العقلاء من دون حاجة الى الاستدلال عليه بقاعدة الحسن والقبح لانها مما وقع الخلاف فيها ، ولذا قال : «واما الكبرى فلاستقلال العقل بدفع الضرر المظنون» لانه من ما اطبق عليه العقلاء بما هم عقلاء ، بل هو من جهة كل ذي شعور ، فيجب دفع الضرر المظنون «ولو لم نقل بالتحسين والتقبيح العقليين لوضوح عدم انحصار ملاك حكمه» أي عدم انحصار ملاك حكم العقل بلزوم دفع الضرر المظنون «بهما» أي بقاعدة التحسين والتقبيح العقليين «بل يكون التزامه» أي التزام العقل «بدفع الضرر المظنون بل المحتمل» أي ان العاقل بل كل ذي شعور يفرّ عن الضرر المحتمل فضلا عن الضرر المظنون بما هو عاقل وله شعور ، وهذا من الامور التي التزمتها العقلاء وهو لزوم دفع الضرر المظنون بل الضرر المحتمل «بما هو كذلك» أي بما هو