الشك في صدق مفهوم الاناء
لكن مجرّد هذا المقدار لا يوجب تبيّن المفهوم ورفع الاجمال منه ، ألا ترى إلى اختلافهم فيما عرفت من الصّغريات مع اتّفاقهم على الوضع للأخصّ. وان كان التحقيق فيما اختلفوا فيه ، الأخذ بالوسط ؛ فان اعتبار أحد الأمرين من العمق ولو في الجملة ، أو الجدار كذلك ممّا لا بدّ منه في صدق المفهوم ؛ ضرورة صحّة سلب الاناء عرفاً عن صفحة الذهب والفضّة ، فما ذكره في الكشف (١) لا يستقيم على اطلاقه ، كما أنّ ما ذكره في الجواهر (٢) وغيره لا يستقيم على الاطلاق ، وان كان ما ذكرنا لا يجدي أيضاً في رفع الاجمال المفهومي.
نعم لو استفيد من اخبار المسألة ، كون موضوع الحكم عند الشارع أعمّ ممّا وضع له لفظ الاناء ، كما قيل ، أو استفيد منها ، أو من السّيرة ونحوها ، كونه أخصّ ممّا وضع له اللفظ كما زعم ، اتّبع جزماً كما هو الشّأن في سائر الالفاظ ، فاذا استفيد من صحيح ابن بزيع حرمة المرآة وكونها اناءً في حكم الشارع ، حكم بحرمة ما يماثله من الأواني الملبّسة ، وإن لم يصدق عليها الاناء حقيقة عرفاً ، بل ولا لغةً ، كما انه إذا استفيد منه الكراهة حكم ، بعدم لحوق حكم الاناء لها وما يماثلها وإن صدق عليها الاناء لغةً وعرفاً ، حيث إنه يستكشف منه أنّ الموضوع للحكم الشرعي اخصّ من الموضوع العرفي فقول العلامة الطباطبائي قدسسره في المنظومة (٣) :
والوجه في المرآة من ذاك بدا |
|
اذ الجميع باللّصوق اتّحدا |
مستقيم لو لا استفادة خلافه من الصحيحة فافهم.
ثم إنا اشرنا في اوّل هذا الامر ، إلى إنّه لا اشكال في الحكم بالاباحة في المشكوك ، من جهة صدق المفهوم ، نظراً إلى الاصول العمليّة بل اللفظيّة العامة ، من حيث إنّ
__________________
(١) كشف الغطاء ٢ : ٣٩٢.
(٢) الجواهر ٦ : ٣٣٤.
(٣) المنظومة : ٦٠.