فأردت إعمال رسالة فيها أبحث فيها ، عن معناها ودليل ثبوتها ، وبيان نسبتها مع عمومات التّكاليف المثبتة بعمومها للحكم الحرجي وساير المباحث المتعلّقة بها ، كمشروعيّة العبادة بعد رفع وجوبها من جهة نفي الحرج فيما كانت حرجيّة ، ونحوها ممّا سيمر بك. لعلّه ينتفع بها إخواني من أهل العلم فتنفعني يوم فاقتي ، فانّه قلّ من أفردها بالعنوان وأشبع فيها الكلام.
الدليل على القاعدة
فنقول بعون الله الملك العلّام ودلالة أهل الذّكر عليهم ألف صلاة وسلام : إنّه استدل لها بالأدلّة الأربعة :
الآيات
فمن الكتاب آيات.
منها قوله تعالى : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا)(١).
ومنها قوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٢).
ومنها قوله تعالى : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ)(٣).
ومنها قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٤).
وقد يذكر في الآيات الدّالة على القاعدة المذكورة قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها)(٥) وظاهر عند التّأمّل وما تقتضيه الأخبار أيضاً نفي التّكليف بغير المقدور. ومن هنا لم يخصّص نفي التّكليف بالأمّة المرحومة ، وهو خارج عن محلّ الكلام.
__________________
(١) البقرة : ٢٨٦.
(٢) الحج : ٧٨.
(٣) المائدة : ٦.
(٤) البقرة : ١٨٥.
(٥) البقرة : ٢٨٦.