نعم هنا كلام بالنّسبة إلى المحرّمات ، لا من حيث شمولها فإنّه ممّا لا اشكال فيه ، بل من حيث أنّ التمسّك بها لتسويغ جميع المحرّمات الإلهيّة ، المتعلّقة بالنّفوس والأعراض والأموال ، من دون ملاحظة فتوى الفقهاء بموجبها ، لعلّه يوجب فقهاً جديداً كما أشرنا اليه سابقاً ، فهذه النّكتة لا بدّ من ملاحظتها.
الثاني : في لزوم الخروج عن القاعدة في الفعل الحرجي نوعاً
الثّاني : إنّ ما ذكرنا من لزوم تخصيص القاعدة والخروج عنها ، بما ثبت في الشّرع من التّكاليف بالعنوانات الحرجيّة ، إنّما هو بالنّسبة إلى الحرج الثّابت في نوع الفعل المزبور ، كالحرج الثّابت في نوع الحجّ والجهاد والصّيام ، في أيّام الصّيف لغالب المكلّفين.
أمّا إذا فرض هناك حرج شديد ، من جهة ضعف بعض المكلّفين لهرم وغيره فيمكن التّمسك بالقاعدة لنفي التّكليف في حقّه. ومن هنا تمسّك بها غير واحد من الفقهاء لنفي التّكاليف المذكورة في جملة من فروع الفرض ، بل ورد النّصّ به في بعضها ، فراجع.
الثالث : عدم شمول مفاد القاعدة لغير الاحكام الالزامية
الثّالث : إنّه لا إشكال ، كما صرّح به غير واحد ، في عدم شمول القاعدة لغير الأحكام الإلزاميّة وليست ، كقاعدة قبح التّكليف بما لا يطاق الشّاملة لجميع الأحكام حتّى الإباحة ، وهذا ممّا لا كلام فيه ظاهراً ، ومن هنا جزموا بصحّة العبادات الشاقة المستحبّة ، كصوم الدهر غير العيدين واحياء الليالي في تمام العمر ، ممّا يشقّ على النّفس ، ما لم يوجب ضرراً على النّفس ولو ظنّاً ، والمسير إلى الحجّ متسكعاً وإيثار الغير بما لا يضطرّ إليه من المال ، على النّفس مع الحاجة ، إلى غير ذلك من الأعمال الشاقة ، بل قيل إنّ هذه درجة المتّقين ، ومرتبة الزّاهدين لا يسع القيام بها ، إلَّا للأوحدي من النّاس.