الموضع الاول : في أصل ثبوت القاعدة
الاوّل : في أصل ثبوتها في قبال الشّيخ الحرّ قدسسره وملخّص القول فيه : أنّه لا ينبغي الارتياب في أصل ثبوتها ، بل لا يجوز لدلالة الآيات الكثيرة والأخبار المتواترة وإجماع الإماميّة ، بل المسلمين عليه في الجملة ، بل العقل في بعض جزئياتها ، كيف وهو من خصائص الأمّة المرحومة على ما نطقت به الآيات ودلّت عليه الآثار من النّبيّ المختار والائمّة الأطهار ، وعدم وضوح المراد ممّا تعلّق به الحكم في الأدلّة من الفاظ الحرج والعسر والضيّق والاصر وأمثالها على وجه لا يبقى شكّ من جهة المفهوم في مورده ، مع وضوح المراد منه في الجملة وتحقّق الصّدق في أكثر الجزئيات ، لا يوجب رفع اليد عن القاعدة رأساً وإلّا لزم رفع اليد عن أكثر القواعد ، بل كلّها ممّا تعلّق الحكم فيها بالموضوعات اللّغويّة والعرفيّة ، لعدم الإحاطة بحقايقها على وجه التّحديد ، على ما سنوقفك عليه هذا مضافاً إلى كون كتبهم الاصوليّة والفقهيّة مشحونة من التّمسك بالقاعدة تبعاً لأئمتهم سلام الله عليهم أجمعين ، كما في مسألة مقدار الفحص عن المخصّص ، والفحص عن المعارض للأدلّة والفحص عن الدّليل في العمل بالاصول العمليّة ، وكما في مسألة حجيّة الظّنّ في قبال الاحتياط عند انسداد باب العلم ، ومسألة عدم نقض الآثار عند تبدّل رأي المجتهد ، أو موته ، أو جنونه ، أو فسقه ، أو نحو ذلك من الأوصاف ومسألة الأجزاء ، ومسألة نقض الفتوى بالفتوى وعدم وجوب تحصيل العلم بمقدار ما فات في قضائه فيما علم كثرته ، وكذا في عدم وجوب التّرتيب بين الحاضرة والفائتة في المسألة المسطورة ، ومسألة عدم وجوب الاحتياط في الشّبهة الغير محصورة ، وفي مسألة الجبائر والدّماء المعفوّة ، ومسألة الاكتفاء بالانحناء والقعود والاضطجاع في الصّلاة وعدم وجوب الصّوم على ذي العطاش والشّيخ والشّيخة ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى ، من أوّل الفقه إلى آخره ، سيّما في أبواب العبادات ، فكيف يقتصر مع هذا كلّه ، على رفع التّكليف بغير المقدور الّذي استقلّ العقل بقبحه مطلقاً في حقّ جميع المكلّفين من غير اختصاصه بأمّة. هذا بعض الكلام في الموضع الاوّل.