الحكمة وجهة الطّلب ، ويكون المراد ممّا ذكره أخيراً ، أنّ دخول الوقت لو لم يكن مؤكّداً للرجحان لم يكن موجباً لمفسدة في الفعل غاية ما هناك سقوط الوجوب ؛ بدليل نفي الحرج ، فلا معنى للحكم بارتفاع الجهة ، فلا يزيد التمسك بالاستصحاب حتّى يتوجّه عليه المناقشة ، بارتفاع الموضوع ولا الحرمة الذّاتية حتّى يتوجّه عليه ، بعدم الالتزام بها حيث إنّه على القول ، بعدم الجواز ، يراد بها الحرمة من جهة عدم الامر ، فينطبق ما ذكره على ما ذكرنا فلا يتوجّه عليه شيء من المناقشات المذكورة ، فتدبّر.
الحرج المنفي هو الحرج النوعي
الخامس : إنّ المنفي بعمومات نفي الحرج ، هل الحرج النّوعي الغالبي بمعنى أنّه إذا كان فعل حرجاً وضيّقاً في حقّ الغالب فوجوبه مرتفع ، حتّى في حقّ من لا حرج له أصلاً ، وكذا ما لا يكون حرجاً في حقّ الغالب ، لا يرتفع وجوبه حتّى في حقّ من كان الفعل حرجاً بالنّسبة اليه ، أو الشخصي فلا يرتفع إلّا عمنّ كان حرجاً في حقّه فيلزمه ، بقاء الحكم في الفرض الاوّل وارتفاعه في الفرض الثّاني؟
وجهان ، بل قولان :
ربما ينسب الاوّل إلى المشهور وقد اختاره بعض أفاضل (١) من قارب عصرنا ، في كلامه المتقدّم نقله ، عند الكلام في وقوع التّكاليف الحرجيّة في الشّرع ، في الجملة.
وصريح الفاضل النّراقي (٢) وشيخنا (٣) الاستاذ العلّامة ٠ الثّاني.
ومحلّ الكلام ، ما إذا استند رفع الحكم إلى القاعدة وعمومات نفي الحكم الحرجي ، بمعنى كون الحرج علّة ، لا إلى دليل خاصّ وإن لوحظ الحرج فيه حكمة ؛ ضرورة عدم
__________________
(١) الفصول : ٣٣٦.
(٢) العوائد : ١٨٧ ، البحث الرابع.
(٣) مفاتيح الاصول : ٥٣٧.