وهذا الذي ذكرنا جارٍ في كلّ مورد جعل لزوم العسر فيه علة لرفع الحكم عنه.
وأمّا إذا لوحظ حكمة في تشريع حكم في الشرع بحسب دليل الحكم ؛ فلا يلزم فيه الاطّراد قطعاً ، كما هو الشأن في سائر الحِكَم الملحوظة في تشريع الاحكام وجعلها.
وهذا الذي اخترناه وان لم يكن مسلّماً عندهم ؛ لمصير جمع في ظاهر كلامهم إلى كفاية الحرج النوعي والغالبي ، في رفع الأحكام الثابتة بمقتضى أدلّتها ، إلَّا أنه مقتضى التأمّل فيما اقتضى نفي الحرج ، سيّما بملاحظة سوقها ، في مقام الامتنان على العباد.
المقدمة السابعة :
قضيتان مردودتان
السّابعة : إنّه قد تكرّر في كلماتهم ، قضيتان لا أصل لهما في ظاهر النظر.
إحداهما : حصر المحرمات. وقد تمسك بها بعض ، في حكم المقام ونحوه. والاخرى :
عكسها ، وهو حصر المحللات. وقد تمسّك بها غير واحد من الأخبارييّن ، في الشبهة التحريميّة الحكميّة.
وأنت خبير بما في القضيتين.
١ حصر المحرمات إمّا حصر المحرمات ؛ فلأنه وإن وردت جملة من الاخبار ، في تعداد الكبائر ، إلَّا أنّه لا تعلّق لها بالحصر ، ثمّ بحصر المحرمات.
هذا مع منافات الحصر لقضيّة ، تثليث الامور ، فيما ورد عن النّبيّ والائمة صلوات الله عليهم.
وإن أريد التشبث في ذلك بذيل بعض الآيات الظاهرة في ابتداء النظر في الحصر كقوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ...)(١) الآية ونحوه ، ففيه إنّه لا بدّ من
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٤٥.