شمول قاعدة نفي الضّرر.
ومن هنا قيل بصحة الصّوم وغيره من العبادات ، إذا كان في الواقع مضرّاً ، مع اعتقاد المكلّف السلامة وعدم الضّرر ، وكذا قيل بالقصر في السّفر ، المضرّ بحال المكلّف ، مع اعتقاد عدم الضرر. وليس الوجه في ذلك كلّه إلّا ما عرفت.
نعم لو فرض هناك ضرر يحكم العقل بوجوب دفعه ، كالضّرر على النّفس والطرف والعرض ، كان تجويزه منافياً لحكم العقل ، لا ما كان من قبيل المال الغير الداخل في عنوان الإسراف ، فهو نظير الحرج ، الّذي يحكم العقل بوجوب دفعه.
كالبالغ حدّ الاختلال ، حيث أنّه لا يفرق فيه بين الحكم الوجوبي والاستحبابي ، بل بينهما والإباحة.
ومن هنا قد يستشكل ، في اجتماع المستحبّات ، في زمان لا يسع لها ، حيث أنّه موجب للاختلال ، بل الجمع بين المستحبّات الواقعة في الشريعة بحسب أجزاء الزمان ممّا لا يقدر عليه فكيف يمكن الحكم باستحبابها جمع.
ومن هنا قيل بأنّه من باب التّزاحم فيقدّم أهمّها كما في تزاحم الواجبات ، أو بالتّخيير ولو كان بعضها أهمّ ، من حيث التّبعيض في المستحبات ، إلى غير ذلك. فأفهم حتّى لا يختلط عليك الأمر بين الضّررين والحرجين.
الرابع : مشروعية العبادات الحرجية المنفية بالقاعدة
الرّابع : أنّه لا إشكال ظاهراً عندهم ، في مشروعيّة العبادات الواجبة ، فيما يحكم بعدم وجوبها ؛ لقاعدة نفي الحرج ، كالصوم الحرجي والطّهارة الحرجيّة من الغسل ، أو الوضوء للغايات الواجبة والصلوة قائماً ، فيمن كان القيام في حقه عسراً ، من جهة المرض وغيره ، إلى غير ذلك من الأمثلة ، بل هو قضيّة صريح غير واحد منهم. فليس الحكم بعدم الوجوب من جهة القاعدة ، كالحكم به من جهة الضّرر المنفي معه ، جواز الفعل فيما كان مجامعاً مع العبادة.