المقدمة الثالثة :
في اعتبار جزء أو شرط بواسطة دليل الخطاب
الثّالثة : أنّ اعتبار شيء في العبادة شرطاً وجوداً ، أو عدماً ، أو جزءاً ، قد يكون مدلولاً لما هو من قبيل خطاب الوضع ، كقوله : «لا صلاة إلّا بطهور» (١) ، أو لمن لم يقم صلبه ، أو «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (٢) وقوله ، «لا يقبل الله الصّلاة في غير ما احلّ الله لحمه» ، أو الصّلاة فيه فاسدة ونحو ذلك ، وقد يكون مدلولاً لما هو من قبيل التكليف الغيريّ المقدّمي الإرشادي ، كقوله تعالى : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)(٣) وقوله تعالى : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ)(٤) بناء على سوقهما لإيجاب الركوع والقراءة في الصّلاة وما ورد من النهي عن الصّلاة في الحرير ، أو غير المأكول ، أو لبس الذهب وقوله تعالى : (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)(٥) ، وقد يكون مدلولاً لتكليف وخطاب نفسيّ من غير أن يكون له تعلّق بالعبادة ونظر إليها ، كشرطيّة إباحة المكان أو اللباس ، المستفادة مما دلّ على حرمة الغصب والنهي عنه مطلقاً.
إمّا الاول : فلا يتوهّم اختصاص مدلوله بما إذا علم المكلّف ، بما اعتبر في العبادة تفصيلاً ، بحيث يجوز الصّلاة مع الشك واقعاً نظراً إلى اختصاص قضية اعتباره بصورة العلم ، لما عرفت من فساد توهّمه في المقدّمة الثانية.
وامّا الثاني : فقد يتوهّم اختصاص مدلوله بصورة العلم من جهة بعض ما عرفت فساده بما لا مزيد عليه في المقدّمة الثّانية ، كما إنه قد يتوهّم جواز الرجوع فيه إلى البراءة ؛ نظراً إلى قصور دلالة الدليل ، من حيث كونه أمراً أو نهياً ، من الكشف ، عن الشرطيّة ، أو الجزئية المطلقتين ، ولو من جهة قصر تنجّزه بصورة العلم ؛ فيرجع في
__________________
(١) تقدمت ص ١٠٠.
(٢) انظر الكافي ٣ : ٣١٧ / ٢٨ ، الاستبصار ١ : ٣١٠ / ١١٥٢ / ١.
(٣) سورة البقرة : ٤٣.
(٤) سورة المزمل : ٢٠.
(٥) سورة البقرة : ١٤٤.