يمكن انتزاعه عن الحكم التكليفي.
فالأول : أي ما يمكن جعله استقلالا وإيجاده باللفظ أصالة ، كالملكية والزوجية والحجية والقضاوة والنيابة والحرية والرقية ونحوها ، فالشارع بقوله من حاز شيئا من المباحات أو استرق أحدا من الكفار فهو له ، إنشاء وجعل ملكية المال والشخص الأسير للآخذ وبقوله صدق العادل جعل الحجية لقوله ، وبقوله جعلته حاكما جعل القضاوة للفقيه.
والثاني : كجزئية شيء للمأمور به وشرطيته فينتزع من تعلق الحكم التكليفي بصلاة ذات أجزاء وقيود الجزئية لكل واحد من أجزائها والشرطية لكل واحد من قيودها.
والثالث : كسببية مصالح الصلاة مثلا للأمر بها وإيجابها فإن ذلك أمر تكويني مقدم على الوجوب فلا يعقل جعله تشريعا فضلا عن أن ينتزع من التكليف المتأخر عنه رتبة.
ثم إن الحكم الوضعي ليس محصورا في ثلاثة أو خمسة أو تسعة كما توهم ، بل كلما كان من الأمور الاعتبارية القابلة للجعل والاعتبار أطلق عليه اسم الحكم وكان غير التكليف فهو حكم وضعي كالصحة والبطلان والعلية كعلية الملاقاة للنجاسة ، والعلامة كالسن والاحتلام ونبات الشعر بالنسبة إلى البلوغ ، والتقديرات كالكرية والمسافة ، والحج كحجية خبر العدل والثقة ، والبدلية كبدلية التيمم عن الوضوء والتراب عن الماء ، والتقبل كقبول العمل الناقص عوضا عن التام ، والضمان أعني كون الشيء على عهدة الشخص ، والجنابة والحرية والرقية والوكالة والشرطية والسببية والمانعية والقاطعية ونحوها.
الثاني : تقسيمه إلى الاقتضائي والإنشائي والفعلي والمنجز.
ولا يخفى عليك أن هذه الأقسام من مصطلحات بعض المتأخرين قدسسرهم والأكثرون منهم لا يقولون إلّا بالإنشائي والفعلي وأما بيان تلك المراتب الأربع :
فالأولى : مرتبة الاقتضاء وكون الحكم في تلك الرتبة معناه وجود المقتضي للجعل وكونه حسنا وذا مصلحة مع حصول مانع منه أو فقد شرط ، وإطلاق الحكم على هذه