المرتبة مع أن الموجود سببه ومقتضيه دون نفسه إطلاق مسامحي بلحاظ أن للمعلول والمقتضي نحو وجود في ضمن علته ومقتضيه ، فالمصلحة في البعث والزجر مثلا كأنها وجود لنفس تلك الأحكام كما لو ادعي فيما إذا وجد المادة التي تنقدح منها النار أن النار موجودة.
وقيل إنّه من هذا القبيل الأحكام الشرعية قبل بعثة النبي ص والحكم في هذه المرتبة يسمى حكما اقتضائيا شأنيا.
الثانية : مرتبة الإنشاء وهي فيما إذا تحقق إنشاء الحكم من الأمر لوجود مقتضيه وفقد مانعه إلّا أنه ليس له إرادة جدية بالنسبة إلى الفعل ولم يقصد إلزام المأمور لوجود مانع عن الإلزام فيطلق على الحكم في هذه المرتبة الحكم الإنشائي ، وكانت عدة من الأحكام في صدر الإسلام من هذا القبيل فكانت الواجبات عندئذ بحكم المستحبات والمحرمات بحكم المكروهات لا تستلزم مخالفتها العقوبة.
ومنه أيضا الأوامر الامتحانية والاعتذارية. والأحكام الواقعية التي قامت الأمارة على خلافها بناء على السببية أو جرت الأصول العملية في مواردها.
ومنه أيضا الحكم المستفاد من العموم بالنسبة إلى الأفراد الخارجة بالتخصيص قبل انكشاف وجود المخصص.
ولا يخفى عليك أن إطلاق الحكم على الإنشائي أيضا إطلاق مسامحي فإن الإنشاء بلا إرادة جدية التي هي روح الحكم كالجسد بلا روح والحكم حينئذ كصورة بلا حياة.
الثالثة : مرتبة الفعلية بأن أنشأه الآمر وحصلت الإرادة الجدية في نفسه وقصد الإلزام وتسجيل الأمر على المأمور ويسمى هذه المرتبة بالفعلية والحكم فيها حكم فعلي وهو الذي ينبغي إطلاق الحكم عليه حقيقة لكنه حينئذ فعلي فقط بلا حصول تنجز ولا ترتب عقاب على تركه ما دام لم يلتفت إليه المكلف ولم تقم أمارة على خلافه.
الرابعة : مرتبة التنجز بأن يعلم المكلف بالحكم الفعلي أو يقوم عنده الأمارة عليه فيبلغ حينئذ مرتبة التنجز ويسمى حكما منجزا ويترتب على تركه العقوبة.
هذا وقد أشرنا إلى أن الأكثر قسموه إلى قسمين وذهبوا إلى أنه قبل الإنشاء