وموافقة الكتاب والسنة والأصل وحكم العقل وكذا موافقة الشهرة الفتوائية ترجح المضمون والمعنى المراد من اللفظ ، فإذا ورد خبر دال على وجوب صلاة الجمعة وآخر دال على وجوب الظهر ، وكان ظاهر الكتاب أو مقتضى الاستصحاب وجوب الجمعة فهو يؤيد مضمون الأول ويورث الظن بكونه الحكم الواقعي فيئول الأمر أيضا إلى أخذ سند ما قوي مضمونه وطرح الآخر رأسا.
فعلم مما ذكر أن مرجع جميع المرجحات إلى ترجيح السند وإن كان بعضها يؤيد في ابتداء الأمر الجهة أو المضمون ، فتحصل أن المستفاد من أدلة العلاج وأخباره أن كل خبر كان ذات مزية في واحد من نواحيه وأطرافه لم يكن لمقابله تلك المزية يجب أخذه سندا وطرح مخالفه رأسا.
تنبيه : لا يخفى عليك أن الأقسام المذكورة في هذا التقسيم كلها من قبيل المرجحات الداخلية
وأما الخارجية فكلها من المرجحات المضمونية.
ومنها : تقسيمها إلى الداخلية ، والخارجية والخارجية إلى المعتبرة وغير المعتبرة ، وإلى المؤثرة في أقربية المضمون وغير المؤثرة ، فالأقسام بناء على هذا التقسيم خمسة :
أولها : المرجحات الداخلية ، وهي عبارة عن كل مزية غير مستقلة في نفسها متقومة بمعروضها ، كصفات الراوي والفصاحة والنقل باللفظ وقلة الوسائط ونحوها ، فإنه لا قوام لها إلا بمعروضها من السند والمتن ، فصفات الراوي وقلة الوسائط تعرضان السند أعني الرجال الناقلين للخبر ، والباقي يعرض المتن أعني الألفاظ والمعاني.
ثانيها : المرجحات الخارجية المعتبرة وهي كل أمر معتبر مستقل في نفسه ولو لم يكن هناك خبر ، مثل الكتاب والسنة والأصل العملي ، فإذا ورد يحرم شرب العصير وورد أيضا يحل شربه ، فالثاني يرجح على الأول لموافقته لظاهر قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) أو موافقته للاستصحاب ، أو أصالة الحلية بناء على كون الأصل مرجحا للأمارات.