ويسمى القسم الأول بالشبهة الوجوبية للاحتياط ، والثاني بالشبهة التحريمية ، والثالث داخل في مسألة التخيير.
ثم إن في كل واحد من الأقسام الثلاثة إما أن يكون منشأ الشك عدم النص أو إجماله أو تعارضه أو اشتباه المصداق والموضوع فالأقسام فيها ترتقي إلى اثني عشر قسما ثمانية منها داخلة تحت مسائل الاحتياط وأربعة في مسائل التخيير كما سيجيء.
الثاني : مجرى أصالة الاحتياط لا ينحصر في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي كما يظهر من تقسيم الشيخ قدسسره ، بل قد تجري في الشبهة البدوية أيضا كما إذا كان التكليف المشكوك مهما ، فإذا أراد رمي شبح من بعيد ولم يعلم أنه إنسان أو حجر مثلا لزم الاحتياط على المشهور وكذا في كل ما شك في وجوبه أو حرمته بالشبهة الحكمية وكان قبل الفحص وكذا إذا شك المكلف في إتيانه بالواجب الموقت قبل انقضاء وقته وغير ذلك من الموارد.
الثالث : الدليل على أصالة الاحتياط العقلي هو احتمال الضرر الأخروي أو الضرر المهم ، فالعقل حاكم بلزوم الاجتناب عن كل ما احتمل فيه الضرر الأخروي موهوما كان ذلك الضرر أو مشكوكا أو مظنونا كما أن العقل حاكم بلزوم ترك مقطوعه فهذه قاعدة كلية عقلية ، ولزوم الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي إنما هو من جهة أن كل فرد من الأطراف داخل تحت هذه الكلية وكذا بعض الشبهات البدوية كما ذكرنا فإذا علمت بخمرية أحد الإناءين أشرت إلى واحد منهما وقلت هذا مما احتمل فيه الضرر الأخروي وكل ما احتمل فيه الضرر الأخروي يجب الاجتناب عنه فهذا يجب الاجتناب عنه.
فإن قلت : ما الفرق بين كل واحد من الإناءين في هذا المثال والإناء المحتمل الحرمة في الشبهة البدوية حيث حكموا في الأول بالاحتياط وفي الثاني بالبراءة مع أن احتمال الحرمة في الكل مستلزم لاحتمال العقاب الأخروي قلت : الفرق هو أن العلم الإجمالي في الأول حجة على المكلف منجز للواقع ، فالمحتمل في كل طرف هو التكليف المنجز واحتماله مستلزم لاحتمال الضرر الأخروي فيجب تركه ، وهذا بخلاف الشبهة البدوية التي لا علم فيها بالتكليف ومعه لا يكون منجزا أو يقبح العقاب