مقام الإثبات في عرض واحد ، وكلتاهما مدلول مطابقي لهيئة فاعَلَ ، غاية الأمر إحداهما في طول الأخرى ثبوتاً) فهو غير تامّ أيضاً ؛ وذلك :
أوّلاً : أنه لا يتعقل الطولية بين النسبتين ، لأن اللفظ لا يدل على أكثر من تحقق الضربين ونسبتهما إلى فاعلهما ، وهما في عرض واحد كما هو المفروض.
ثانياً : أن الهيئة الواحدة لا تدلّ بالمطابقة على نسبتين (١).
القسم الثالث : بعد أن ناقش المحقّق الأصفهاني نظرية المشهور في المقام ، تصدّى لبيان مختاره في المسألة ، فقال : إن باب المفاعلة موضوع لنكتة التعدية.
بيانه : أن الفعل المضاف إلى فاعله ، يُفرض تارة أنه قابل لأن يضاف إلى شخص آخر ، وأخرى غير قابل لذلك. ومثال الأوّل : «قتل زيد عمراً» ، ومثال الثاني : «جلس» فإنه لا يمكن أن يتعدّى بنفسه بل يتعدّى بالحرف فيقال : «جلس إليه». وهيئة باب المفاعلة موضوعة لهذه التعدية التي تؤديها هيئة الفعل في القسم الأوّل ، ويؤدّيها الحرف في الثاني. وعلى هذا الأساس يكون خدعه وخادعه وضربه وضاربه بمعنى واحد ، وكذلك جلس إليه وجالسه. غاية الأمر أن التعدية في «ضربه» تكون من شؤون ذات النسبة ولازماً ذاتياً لها ، أما في «ضاربه» فالتعدية ملحوظة ومنظور إليها بالنظر الاستقلاليّ.
فإن قيل : لو سلّمنا أن هذه الهيئة تجعل الفعل اللازم متعدياً ، وتقوم بنفس الدور الذي يقوم به حرف التعدية ، فما هو الدور الذي يقوم به إذا كان
__________________
(١) المصدر السابق ، ج ٤ ، ص ٤٣٨.