الأحكام الضررية. على هذا فالوظيفة الأساسية للقاعدة تخصيص الحكم بغير حالة الضرر. أما الحكم الذي يكون بحسب طبعه ضرريّاً كوجوب الجهاد ونحوه فلا يمكن أن يرتفع بذلك.
والجواب أن قاعدة «لا ضرر» وإن كانت حاكمة ، إلّا أنها ناظرة إلى الشريعة ككل ، لا إلى كل حكم حكم ، وبناءً على هذا تقوم بوظيفتين ؛ إحداهما : تقييد إطلاقات الأحكام التي هي غير ضررية في نفسها ، والأخرى : نفي الأحكام الضررية عن الشريعة وبيان أنها ليست منها ، أما الشريعة فهي مفترضة وثابتة في المرتبة السابقة.
الثالث : الجواب الذي ذكره الميرزا أيضاً
ناقش الميرزا في ضررية بعض الموارد بإبراز نكات فيها ، بنحوٍ تكون خارجة تخصيصاً من القاعدة (١). فذكر في الزكاة والخمس مثلاً بأنه لا يوجد في تشريعهما ضرر لكون الفقير شريكاً مع صاحب المال ، كما لو جعل الشارع غير الولد شريكاً معه في الإرث ، فإنه لا يكون حكماً ضرريّاً. نعم لو لم يجعله شريكاً لكان أفضل. فمرجع ذلك إلى عدم النفع لا إلى حصول الضرر ، ومن ثم فهذا التشريع بمثابة جعل الفقير مثلاً شريكاً مع الغني من أوّل الأمر.
بتعبير آخر : لو فرضنا أن الشارع قد أقرّ بأن المال المغتنم والفائدة جميعاً لمالكه ، كان إيجاب دفع الخمس بعد ذلك تنقيصاً للمال وضرراً به. أما لو قلنا بأن الشارع من أول الأمر لم يملِّك صاحب المال إلّا أربعة أخماس ، فلا يكون
__________________
(١) المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ٢١٢.