الجهاد ، واقتران المقتضي بالمانع دائماً معقول بحسب الخارج ، فيمكن للشارع أن يبيّن أن الحيثية الضررية ، سواء كانت ملازمة مع وجود المقتضي أم لا ، مانعة عن تأثير المقتضي. إذن لا استحالة عقلية في شمول «لا ضرر» لهذه الموارد أيضاً.
الثاني : جواب الميرزا النائيني
ذكر المحقّق النائيني (قدسسره) أن هذه القاعدة مخصِّصة للأحكام
الأولية بملاك النظر والحكومة (١) ، وهذا يستلزم فرض ثبوت تلك الأحكام في المرتبة السابقة ، كي يمكن نفيها بهذه القاعدة ، ولا يمكن أن يكون المنفيّ بها أصل الحكم الضرري ، وإلّا لزم الخلف ، وإنما ينحصر مفادها في نفي إطلاقات
__________________
(١) قال (قدسسره) : «والحق أن خروج أكثر هذه الموارد بالتخصّص ، وذلك لما أشرنا إليه ، وسيجيء إنشاء الله تعالى أن قاعدة «لا ضرر» ناظرة إلى الأحكام ومخصّصة لها بلسان الحكومة ، ولازم الحكومة أن يكون المحكوم بها حكماً لم يقتض بطبعه ضرراً ، لأنّه لو اقتضى جعله في طبعه ضرراً على العباد لموقع فيهما التعارض.
وبعبارة واضحة قاعدة نفي الضرر ترفع الحكم الذي نشأ منه الضرر بعد ما لم يكن ضرريّاً ، لا الحكم الذي بنفسه وفي طبع جعله يقتضي الضرر ، أي الضرر الطارئ ينفى بقوله (صلىاللهعليهوآله) : لا ضرر. فمثل وجوب الجهاد والحج والزكاة والخمس مما يقتضي نفس جعله في طبعه ضرراً ، لا يخصّص بالقاعدة. نعم لو اقتضى هذه الأحكام ضرراً زائداً على ما تقتضيه نفسها ، لكان قاعدة «لا ضرر» مخصصاً لها أيضاً ، مثلاً لو لم يكن في البلد هاشميّ أو فقير واستلزم نقل الخمس أو الزكاة إلى بلد آخر ضرراً ، فهذا يرتفع بلا ضرر ، دون أداء نفس الخمس والزكاة». منية الطالب ، ج ٢ ، ص ٢١١.