عن شمول الحكم ، وهذا يستلزم فرض مقتضٍ لثبوت الحكم في الرتبة السابقة ليكون عنوان الضرر مانعاً عن ثبوته. والمقتضي للحكم هو العنوان الآخر الذي نريد أن نرفع الحكم عنه إذا صار ضرريّاً ، كالوضوء فإنه يقتضي الوجوب ، فإذا صار ضرريّاً يكون «لا ضرر» مانعاً من ثبوت الوجوب له. أما في المورد الذي يكون العنوان الذي نريد رفع الحكم عنه بنفسه ضرريّاً من قبيل الجهاد فإنه عنوان ضرري بنفسه ، لا أنه قد يتفق اقترانه بالضرر وقد لا يتفق في مثل ذلك لا يعقل تطبيق «لا ضرر» عليه ، لأن المفروض في «لا ضرر» أنه يتكفل مانعيّة الضرر عن ثبوت الحكم في مورد عنوان مقتضٍ للحكم. ومن الواضح أن عنوان الجهاد مثلاً لا يمكنه أن يكون مقتضياً للحكم ، لأنه ضرري ، وإلّا يلزم أن يكون الشيء مانعاً من ثبوت الحكم الذي يقتضيه ، وهو غير معقول.
إلا أن هذا الجواب غير تام ؛ لأنه يرد عليه : أن الجهاد مثلاً من العناوين التي توجد فيها حيثيتان ، حيثية تترتّب عليها مصالح مهمة اجتماعية ، وهذه هي حيثية المصلحة الواقعية فيه المقتضية لجعل حكم على أساسها كالوجوب ، وحيثية تكون منشأً للضرر المترتّب عليها مالياً أو بدنياً ونحوهما. وهذا معناه أن هذا العنوان مورد لحيثيتين متزاحمتين ، إحداهما : المصلحة ، والأخرى : الضرر ، والأولى تقتضي جعل الحكم والأخرى تمنع من ذلك. إذن فالحيثية المانعة غير الحيثية المقتضية ، وهكذا الحال في سائر العناوين التي من هذا القبيل. بناءً على هذا لا يلزم أن يكون الشيء مانعاً عن ثبوت الحكم الذي يقتضيه. نعم غاية الأمر أن الضرر يكون بنحوين ؛ تارة يكون وجوده مع المقتضي اتفاقياً نادراً كوجوب الوضوء ، وأخرى دائمياً لا ينفكّ عنه المقتضي كوجوب