الخصوصية الثالثة
الروح العامة التي تحكم الشريعة
والأخذ بها في عملية الاستنباط
توضيح ذلك : أننا لكي نقف على الأحكام التفصيلية للدين في مختلف المجالات لا بدّ من التعرّف أوّلاً على الروح العامّة والمقاصد الأساسية لذلك الدين. فمثلاً عند ما نراجع القرآن الكريم نجد أنّه يضع إقامة العدل الاجتماعي على رأس الأهداف الأساسية التي لأجلها بُعث جميع الأنبياء والمرسلين ، ونزلت جميع الشرائع الإلهية ، يقول تعالى في سورة الحديد (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)(١).
فأقامه القسط والعدل الاجتماعي هو في رأس لائحة الأهداف السماوية ، وتأسيساً على ذلك فإنّ كلّ حكم شرعي لا بدّ من أن يكون منسجماً مع هذا الهدف الأساسي للشريعة ، وإلّا لو انتهت بنا بعض المباني والاستدلالات الفقهية إلى ما يخالف هذا الأصل القرآني فلا بدّ من ردّه وعدم قبوله.
وتظهر ثمرة هذا الأصل في مواضع متعدّدة :
منها : أنّه وردت جملة من الروايات عن الرسول الأعظم وأئمّة أهل البيت (عليهمالسلام) مفادها أنّ الميزان في قبول الخبر الوارد عنهم هو العرض على
__________________
(١) الحديد : ٢٥.