وتطبيقاً لما ذكرنا يمكن ذكر توثيقات الشيخ الطوسي والنجاشي في علم الرجال للرواة من الطبقات المتقدّمة ، فإنه حينما يقول كلّ منهما : «عمّار الساباطي مثلاً ثقة» مع أنهما لم يعاشرا الساباطي ليشهدا بوثاقته ، إنّما يقبل ذلك منهما باعتبار ظهور كلامهما في أنه شهادة قريبة من الحس ، أي أنه شيء واضح عرفي بحيث يكون كالمحسوس ، فيشمله دليل الحجيّة.
هذه هي قاعدة تصحيح المراسيل ، ويراد تطبيقها في المقام على مرسلة الصدوق (قدسسره) في «الفقيه» ، حيث قال : قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام». وهذه المرسلة واجدة لكلا القيدين ، أما الأوّل فلأنه أخبر عن قول النبي (صلىاللهعليهوآله) ابتداءً ، وأما الثاني فلأننا نحتمل كون المخبر به حسّياً عند الصدوق ، بمعنى كونه متواتراً وواضحاً عنده ، ولذلك يؤخذ به.
الآثار المترتبة على الطريق الثالث
أما بلحاظ النقاط الثلاث التي أشرنا إليها ، فهذا الطريق يقتضي :
النقطة الأولى : تشخيص النص. إن المتن يتعيّن في العبارة التي نقلها الصدوق ، وهي : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» فلا يقع تهافت هنا باعتبار تعيّن المتن في ذلك.
قد يقال : يقع التهافت بلحاظ أن هناك مراسيل أخرى غير هذه المرسلة ، وهي أيضاً حجّة ، وفيها أسقطت كلمة «في الإسلام» فإن الشيخ الطوسي مثلاً أرسل الرواية عن النبي (صلىاللهعليهوآله) بلا هذا القيد ، فيقع التهافت بينهما بعد استبعاد أن يكون هناك نصّان متواتران ، أحدهما بلا هذا القيد والآخر معه.