وهي وضوح هذه القاعدة في نفسها بين المسلمين ، لدرجة كانت محوراً للاستنباط في جميع عصور الفقه الشيعي والسنّي معاً ، فإنه منذ أيام شيخ الطائفة (قدسسره) كان يُستدلّ بها على خيار الغبن وعلى غيره من الأحكام المتفرّقة إلى يومنا هذا ، وكذلك العامّة حتى قال بعضهم : إن الفقه مبنيّ على خمس روايات ؛ أحدها : لا ضرر ولا ضرار ، وهذا كلّه يوجب مشهورية هذا النص. وهذه الشهرة بحدّ ذاتها أمارة قوية إذا أُضيفت إلى ذلك العدد الذي هو في نفسه ليس كافياً. فبضمّ أحدهما إلى الآخر تحصل أمارة اطمئنانية ، وإن كان كل واحد منهما وحده لا يوجب الاطمئنان.
هذا هو المدّعى في هذا الطريق ، فلنقف على الآثار التي يختلف فيها هذا الطريق عن السابق ، ضمن نقاط ثلاث أيضاً.
الآثار المترتّبة على الطريق الثاني
النقطة الأولى : تشخيص المتن. بناءً على هذا الطريق أيضاً لا نواجه مشكلة التهافت ، لأن الخصوصيات لا تثبت بالتواتر ، وإنما الذي يثبت بالتواتر هو الحيثية المشتركة ، حينئذٍ إن فرض أن هذه الصيغة كانت مردّدة بين المطلق والمقيَّد ، أي بين «لا ضرر ولا ضرار» و «لا ضرر ولا ضرار على مؤمن ، أو في الإسلام» فالتواتر إنما يثبت ذلك المطلق بنحو القضية المهملة ، سواء انضم إليه المقيّد أم لا. أما إذا فرضنا أن كل رواية كانت مقرونة بخصوصية مباينة للخصوصية المقرونة بالأخرى ، بحيث دار الأمر بين أن تكون الصيغة «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» أو «لا ضرر ولا ضرار على المؤمن» فلا إشكال هنا أن الحيثية المشتركة تثبت بالتواتر ، ولكن هل يثبت أحد القيود على وجه الإجمال أم لا؟