فيثبت أحدهما على وجه الإجمال بهذا التواتر. فهنا إن كان كلاهما على خلاف الأدلّة الأوّلية ، حصل التعارض لا محالة. وإن كان أحدهما كذلك دون الآخر ، فيصرف إلى الآخر (الذي لا يكون على خلافها) ، كما هو الحال في محلّ الكلام ، فإن نفي الوضوء الضرري على خلاف إطلاق دليل وجوب الوضوء ، لكن إثبات حرمة الإضرار ليس كذلك ، فيتعيّن حينئذٍ صرفه إلى حرمة الإضرار.
النقطة الثالثة : قوّة المعارض. إذا وقعت القاعدة طرفاً للمعارضة مع دليل آخر ، فإنه بناءً على هذا الطريق تكون القاعدة أقوى منه ؛ لأن دليلها قطعي.
إلّا أن هذا الطريق بالرغم من ميل النفس إلى الجزم والاطمئنان به أحياناً ، تتراجع عنه أحياناً أخرى.
الطريق الثالث : تصحيح المراسيل
وذلك بالالتزام بأن المرسَل يكون حجّة إذا وُجد فيه قيدان :
أن يخبر المرسِل بصدور النص عن المعصوم (عليهالسلام) ابتداءً ، لا عن الرواية عنه (عليهالسلام) فيكون مدلول الحكاية هو نفس قول المعصوم.
أن يحتمل كون الإخبار من هذا المرسِل مستنداً إلى الحسّ. ومرادنا من ذلك ليس هو خصوص سماع النص من المعصوم ، بل الإحساس بما يلازم صدور هذا النص منه (عليهالسلام) عادة بنحو الملازمة العرفية ، فيشمل الإحساس بتواتر الصدور. فلو فرض أنه كان قد أحسّ بالتواتر ، يكون الإخبار من هذه الناحية مستنداً إلى الحس أو ما هو بحكمه. فإذا وُجد في المرسِل هذا القيدان يُحكَم بحجية المرسَل لأنّه خبر ثقة يحتمل استناده إلى الحس.