دليل اجتهاديّ على عدم الجواز ، وانتهى الأمر إلى أصالة البراءة ، لا يمكننا في المقام إجراء البراءة عن الحرمة وعدم الجواز ، لأن جريانها يؤدّي إلى وقوع مسلم آخر في الضرر ، وهو غير جائز ، لأن حديث الرفع مسوق مساق الامتنان ، وهذا يمنع من انعقاد إطلاق لموارد يكون جريان البراءة فيها على خلاف الامتنان بلحاظ شخص آخر ، لأن ظاهر هذا السوق هو الامتنان على مجموع الأمة. إذن فهذه الشرطية تكون تامّة.
إلّا أن هذا الكلام لو سُلِّم أصله الموضوعي ، فلا يجدي في المقام شيئاً ، لأننا لو سلّمنا أن حديث الرفع محفوف بمثل هذه القرينة ، بنحو يقتضي عدم إجراء البراءة في هذه الموارد ، فغايته أن هذا الحديث يبتلي بالإجمال من ناحية اقترانه بما يصلح للقرينية. ولكن لماذا لا يرجع في مثل هذه الموارد إلى قاعدة «قبح العقاب بلا بيان» التي يقول بها المشهور ، أو سائر أدلّة البراءة الأخرى من الكتاب والسنّة ، فإنها ليست محفوفة بمثل هذه القرينة ، فلا يكون مثل هذا شرطاً في إجراء أصالة البراءة ، وإنّما هذه النكتة توجب الإجمال في بعض نصوصها. نعم لو فرض أن هذه النكتة كانت سبباً في أن ينعقد مفهوم في حديث الرفع ، بحيث يدلّ على عدم جريان البراءة في الموارد التي يلزم منها خلاف الامتنان ، لأمكن حينئذٍ أن يقال بأن هذا المفهوم يقع طرفاً للمعارضة مع سائر الأدلّة الأخرى ، إلّا أنه لا موجب لانعقاد ذلك ، فإن غاية ما تقتضيه هذه العبارة التي يكون إطارها هذا السوق الامتناني أنها لا قابلية لها لشمول هذه الموارد ، لا أنها تقتضي عدم الشمول لكي تنافي ما يقتضي الشمول.
إذن فلا محصّل لهذه الشرطية في المقام.
بعد ذلك نقول الكلام في هذه القاعدة يقع في عدّة فصول :