بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
وقع الكلام في قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» بمناسبة أن الفاضل التوني (قدسسره) ذكر أنه يُشترط في جريان أصالة البراءة أن لا يلزم منها ضرر على مسلم آخر ؛ ففي مقام تحديد هذه الشرطية ذكر الشيخ الأعظم (قدسسره) ومن تأخّر عنه أن هذا الشرط مستدرك ولا موضع له ، لأنّه إذا فرض أن الواقعة كانت بنفسها من الوقائع المشمولة لهذه القاعدة ، فيكون الحكم ثابتاً فيها بالدليل الاجتهادي ، وتكون لها الحكومة على سائر الأدلّة الاجتهادية الأخرى ، فضلاً عن البراءة ، وإن لم تكن الواقعة في نفسها مشمولة للقاعدة ، فلا مجال لدعوى أن البراءة لا تجري فيها إذا استلزم من جريانها الإضرار بالآخرين.
إلّا أن السيّد الأستاذ (قدسسره) دافع على ما في الدراسات عن هذه الشرطية ، وذكر أنها في محلّها ، أي أننا وإن قطعنا النظر عن قاعدة «لا ضرر» ، إلا أننا مع هذا نقول بأن البراءة لا تجري بنحو يلزم من جريانها ذلك. (١)
فمثلاً : لو شككنا في جواز الإضرار بمسلم ، وفرضنا أنه لا يوجد عندنا
__________________
(١) دراسات في علم الأصول : تقريراً لأبحاث سماحة آية الله العظمى السيد أبي القاسم الخوئي (قدسسره) تأليف : آية الله السيد علي الهاشمي الشاهرودي (قدسسره) مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي (ج ٣ ، ص ٤٩٠)