بعد أن اتضح فقه القاعدة بلحاظ كلّ من «لا ضرر» و «لا ضرار» يقع الحديث في أمور متعلّقة بهذه القاعدة نذكرها من خلال تنبيهات :
التنبيه الأول : شمول القاعدة للأحكام العدمية
السؤال الذي نحاول الإجابة عليه هو : أن هذه القاعدة كما ترفع حكماً هل تضع حكماً أم لا؟ أي إذا كان وجود الحكم ضرريّاً ، فلا إشكال أن القاعدة ترفع ذلك كما عرفنا ، لكن لو فرضنا أن عدم جعل الحكم كان ضرريّاً ، فهل يثبت بالقاعدة جعل الحكم الذي كان عدمه ضرريّاً أم لا؟
ذهب المحقّق النائيني (١) (قدِّس سره) ومدرسته إلى أن القاعدة لا تجري لإثبات جعل الحكم ، وإنّما يقتصر دورها على نفي حكم يكون وجوده ضرريّاً ، وتبعه السيّد الأستاذ (قدِّس سره). إلّا أنه بالرغم من ذلك طبّق القاعدة في موارد
__________________
(١) قال الميرزا (قدسسره) في قاعدة «لا ضرر» مقتضى ما بيّناه في فقه الحديث أن «لا ضرر» حاكم على الأحكام الوجودية ، تكليفية كانت أو وضعيته ونتيجة حكومتها رفع هذه الأحكام ، وأما حكومتها على الأحكام العدمية ففيها إشكال ، بل لا دليل عليها ، فعلى هذا إذا لزم من عدم الحكم في مورد على شخص لا يمكن نفي هذا العدم بقاعدة «لا ضرر» بأن يكون مفادها إثبات الحكم الغير الثابت ، كما يكون مفادها نفي الحكم الثابت». منية الطالب ، ج ٢ ، ص ٢١٩.